وبهذا المعنى استُعمل في القرآن ، قال تعالى ﴿بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ (١) ، وقال تعالى ﴿حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (٢). وكذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّما أقضي بينكم بالأيمان والبيِّنات» (٣) أي بالأدلّة ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «البيّنة على المدّعى واليمين على المدّعى عليه» (٤) ، فإنّ المراد مطالبة المدّعى بالدليل في قبال المنكر.

نعم ، ثبت من الخارج أنّ من أحد الأدلّة شهادة العدلين ، لا أنّ شهادة العادلين بخصوصها هي المراد من كلمة «البيِّنة» ، فإنّ الأدلّة كثيرة ومنها شاهد واحد ويمين كما تقدّم ، فلا تحصر في البيّنة المصطلحة.

والذي يدلّنا على ذلك مضافاً إلى ما عرفت من عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة أنّ الأدلّة التي تثبت بها الحرمة كثيرة ، كحكم الحاكم ، وإقرار ذي اليد ، والشياع المفيد للاطمئنان ، والاستصحاب كاستصحاب عدم التذكية إلى غير ذلك ، ولا ينحصر رفع اليد عن الحلّيّة بالبيّنة المصطلحة ، فلما ذا خُصَّت من بينها بالذكر في قوله عليه‌السلام : «حتّى يستبين أو تقوم به البيّنة» مع أنّ بعضها كالإقرار أقوى منها في الاعتبار ومقدّمٌ عليها؟! فيكشف ذلك كشفاً قطعيّاً عن أنّ المراد بالبيّنة في هذه الرواية كغيرها من موارد استعمالها في الكتاب والسنّة ممّا تقدّم هو مطلق الدليل والحجّة لا خصوص البيّنة المصطلحة ، وإنّما هي فردٌ من أحد أفراد الأدلّة.

__________________

(١) آل عمران ٣ : ١٨٤.

(٢) البيِّنة ٩٨ : ١.

(٣) الوسائل ٢٧ : ٢٣٢ / أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٢ ح ١.

(٤) الوسائل ٢٧ : ٢٣٤ / أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٣ ح ٣.

۵۱۹