وسريانه كما هو أوضح من أن يخفى.

ويُستدلّ للقول الآخر بأنّ انقلاب النفل إلى الفرض على خلاف القاعدة ، فيرجع إلى أصالة البراءة عن الوجوب في تمام الثلاثة من غير فرق بين الأخير والأولين.

وفيه : أنّ هذا وجيه لولا قيام الدليل على التفصيل ، والأصل حجّة حيث لا دليل على الخلاف ، ومعه لا تصل النوبة إليه.

وقد دلّت صحيحة ابن مسلم صريحاً على الوجوب في اليوم الثالث ، فقد روى عن أبي جعفر عليه‌السلام : «قال : إذا اعتكف يوماً ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتّى تمضي ثلاثة أيّام» (١).

والمراد بالاشتراط : التعيين على نفسه بنذرٍ وشبهه ، لا كالاشتراط عند نيّة الإحرام في الحجّ كما لا يخفى ، وإلّا لم تتّجه الشرطيّة الأُولى ، وذلك لجواز الخروج ، سواء اشترط بذاك المعنى أم لا.

وكيفما كان ، فهذه الرواية صحيحة السند ، واضحة الدلالة ، وقد أفتى بمضمونها جماعة من الأصحاب ، فليست بمهجورة ، ومعها لا تصل النوبة إلى الرجوع إلى أصالة البراءة ، فلا مناص من الأخذ بها.

ومن ذلك كلّه يظهر لك صحّة التفصيل المذكور في المتن.

ثمّ إنّ هذه الرواية رواها في الكافي بإسناده عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، ورواها الشيخ بإسناده عن الحسن ، عن أبي أيّوب ، وهما أي ابن محبوب

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٥٤٣ / أبواب الاعتكاف ب ٤ ح ١ ، الكافي ٤ : ١٧٧ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٩ / ٨٧٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ / ٤٢١.

۵۱۹