ما بعد الفراغ عن العمل ، كما قد تقتضيه هيئة باب الإفعال ، فإنّ الإبطال يستدعي فرض وجود عمل صحيح مفروغ عنه ليعرضه هذا الوصف ، فمفادها حرمة الإتيان بعد العمل بما يوجب إبطاله ، أي زوال أثره وحبط ثوابه ، فيتّحد مفادها مع قوله تعالى ﴿لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى (١) ، فلا دلالة فيها بوجه على لزوم إتمام العمل وعدم جواز قطعه (٢).

على أنّ ذلك موجب لتخصيص الأكثر المستهجن ، لجواز القطع في جميع المستحبّات ما عدا الحجّ المندوب وفي جملة من الواجبات كقضاء شهر رمضان الموسّع والنذر المطلق ونحوهما.

وأُخرى وهي أوجه من الاولى ـ : بما دلّ على وجوب الكفّارة لو جامع خلال الثلاثة ، فإنّها تدلّ بالالتزام على حرمة القطع ، إذ لا معنى للتكفير عن أمر مباح.

ويدفعه أوّلاً : أنّ الكفّارة وإن كانت ثابتة كما تقدّم وسيأتي إن شاء الله (٣) ، إلّا أنّها لا تستلزم الحرمة بوجه كما في كفّارة التأخير إلى أن ضاق الوقت عن قضاء شهر رمضان بحلول السنة الجديدة ، فإنّه جائز على الأقوى وإن وجب الفداء ، وكما في التكفير عن جملة من تروك الإحرام فيما لو اضطرّ إلى ارتكابها.

وثانياً : سلّمنا الملازمة إلّا أنّ غايتها التلازم بين الكفّارة وبين حرمة حصّة خاصّة من الإبطال والقطع أعني : الإبطال بموجب الكفّارة وهو الجماع لا مطلق الإبطال ولو بشي‌ء آخر ، كالخروج عن المسجد عمداً لا لحاجة ، إذ لا مقتضي للملازمة بين وجوب التكفير وبين حرمة طبيعي القطع على إطلاقه

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٦٤.

(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٤٩٠ ٤٩١.

(٣) تقدّم في ص ٢٤١ ، وسيأتي في ص ٤٧٧.

۵۱۹