بالاعتبار ، والمراد به الاعتبار الموافق للواقع ، كاعتبار الاجمال والتفصيل في حمل الحدّ على المحدود ، فان ذات الانسان والحيوان الناطق ـ مثلا ـ ، وإن كانت واحدة إلا أن هذه الحقيقة الواحدة ـ المركبة مما به الاشتراك وما به الامتياز ـ ملحوظة بجهة الوحدة والجمع في الانسان ، وبجهة الكثرة والفرق في الحيوان الناطق ، وجهة الوحدة في الانسان كجهة الكثرة ، وانطواء المعاني في المركب موافقة للواقع. ومن الواضح : أنّ هذه الحقيقة بتلك الجهة غيرها بتلك الجهة الاخرى غيرية واقعية لا بالفرض ، وإلاّ لجاز حمل الشيء على نفسه بمجرّد فرض أنه غير نفسه.
ومن غريب الكلام ما عن بعض الأعلام من مقاربي عصرنا (١) (رحمه الله) ؛ حيث دفع الإشكال : بأن مفاد الحمل اتحاد الحيوان الناطق مع مفهوم مسمّى الإنسان ، أو ما وضع له الإنسان فيتغايران بالمفهوم ، ومرجع الحمل إلى حمل العام على الخاصّ.
وهو إنكار للحمل الذاتي مطلقا ، مع رجوعه الى تنصيص أهل اللسان ، لا إلى الحمل بما هو ، مع أن الغرض في الحمل الذاتي شرح الماهية ، لا شرح الحقيقة ، وانما يستفاد المعنى الحقيقي بسبب تجرد اللفظ بضميمة الاتحاد ، مع أن اعتبار المسمى ونحوه مصحح للحمل كما سمعت ، لا أنه مأخوذ في المحمول.
ومنه تعرف : أن الغرض هنا مجرّد إثبات اتحاد المعنيين ذاتا ، لا بما لهما من الحيثيات الاعتبارية ، فإنها مصحّحة للموضوعية والمحمولية ، لا مأخوذة في المحمول والموضوع ، وإن كان مقتضى وحدة اللفظ والوضع اعتبار المعنيين بنحو الجمع هنا ، فافهم واستقم.
٣٨ ـ قوله [ قدس سره ] : ( وبالحمل الشائع الصناعي الذي ملاكه
__________________
(١) هو المحقّق الرشتي في بدائع الأفكار : ٨٤.