وتكمن أهمية هذه الجهود في ترجمة الصلة الموضوعية بين الانسان والدين ، أو بالاحرى بين المخلوق وخالقه ، من خلال رسم الخط البياني الموضّح لمسيرة ذلك الإنسان وفق الارادة السماوية ومشيئتها ، وحيث تختلط من دونها الموازين ، وتتداخل أبعادها ، فينحدر من خلالها ذلك المخلوق نحو الحضيض والاضمحلال.

ولقد كان حضور المعصوم عليه السلام ـ منذ بدء الدعوة الاسلامية وحتى ابتداء الغيبة الكبرى للامام المهدي عليه السلام ـ مغنيا عن الحاجة لمثل هذه العملية الشاقة ، بيد أنّ وقوع الغيبة الكبرى فرضت الحاجة الالزامية لاعتماد الأصول الشرعية من أجل استنباط الأحكام الشرعية التي تفرزها الحاجات المتجددة للمجتمع الاسلامي مع مرور الزمان.

ولا نغالي إذا قلنا بأنّ فقهاء الشيعة قد وفقوا على مدّ هذه العصور في تجاوز هذه العقبات من خلال اعتماد الأصول التي وضعها أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، واغنوا المكتبة الاسلامية ببحوثهم ومؤلّفاتهم الثرة والغنية التي لا عدّ لها ولا احصاء.

والكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم هو ثمرة طيبة من تلك الثمار المباركة لفقهاء الطائفة الاعلام ، حيث عمد فيه مؤلّفه الشيخ الاصفهاني قدّس سرّه إلى شرح كتاب ( كفاية الأصول ) (١) للشيخ الخراساني رحمة الله عليه شرحا وافيا مزج فيه بين الفلسفة والأصول ممّا جعله من أهم الشروح الكثيرة لهذا الكتاب النفيس الذي يعد ـ بلا شك ـ من أوسع المباحث التي دارت عليها رحى الدراسات العالية الأصولية في الحوزات العلمية.

__________________

(١) صدر محققا عن مؤسستنا عام ( ٤٠٩ ه‍ ).

۴۲۶۱