لا تتفاوت بالتقديم والتأخير ـ مثلا ـ مع أن التقديم والتأخير يوجب تفاوتا في هيئة المجموع بما هو مجموع. ولا أظن بمن يدعي الوضع للمركبات أزيد من وضع هيئاتها الزائدة على مفرداتها مادة وهيئة لفوائد خاصة ، فإنّ أمثال تلك المزايا والفوائد لا يعقل أن تكون إلا بالجعل والمواضعة.
وعليه فلا معنى لدعوى : كفاية وضع المفردات ـ بجزءيها المادي والصوري ـ عن وضع هيئة المركبات لتلك الخصوصيات ، ولا وجه لدرج مثل هذه الهيئة القائمة بالمجموع في هيئة المفردات ؛ بداهة أن هيئات المفردات قائمة بموادّها كل على حياله ، والهيئة التركيبية قائمة بالمجموع ، وتوصيف المفردات بها من باب وصف الشيء بحال متعلقه لا بحال نفسه. وأما إدراج الهيئة التركيبية في المفردات نظرا إلى أنّها جزء صوري آخر للكلام ـ فيؤول إلى عدم تعقّل المركب حتى يكون له وضع أو لا.
نعم يظهر من بعض النافين : أنّ محلّ النزاع ـ بينه وبين خصمه ـ دعوى الوضع للمركب بعد الوضع للمفردات منفردة ومنضمة ، كما عن ابن مالك في شرح المفصل على ما حكي عنه ، حيث قال ما ملخصه : إنّ المركبات لو كان لها وضع ، لما كان لنا أن نتكلم بكلام لم نسبق إليه ؛ إذ المركب الذي أحدثناه لم يسبق إليه أحد ، فكيف وضعه الواضع؟
فإنه ظاهر في أن محلّ النزاع هذا الأمر البديهي بطلانه ، وإلاّ فلا يخفى على مثل ابن مالك أن الوضع نوعي لا شخصي. وعليه فالنزاع لفظي نشأ من إسناد الوضع إلى المركبات ، فتوهّم النافي أن الهيئة التركيبية المفيدة للخصوصية من أنحاء هيئات المفردات ، فلم يبق ما يتكلم فيه إلا ذلك الأمر الواضح فساده. وقد عرفت أن هيئات المركبات لا دخل لها بهيئات المفردات ، وأن الحق ـ حينئذ ـ مع المثبت.