ويمكن تصحيح ما في المتن بتقريب دقيق : وهو أن متعلّق الإرادة والشوق ـ كما سيجيء إن شاء الله في محلّه ـ ليس هو الموجود الخارجي ؛ لأن الشوق المطلق لا يوجد في النفس ، بل يوجد متقوما بمتعلقه ، ولا يعقل أن يكون الخارج عن افق النفس مقوما لما في النفس ، وليس هو الموجود الذهني أيضا لتباين صفتي العلم والشوق ، وكل فعلية تأبى عن فعلية اخرى ، بل المتعلق والمقوم لصفة الشوق نفس الماهية ـ كما في صفة العلم ـ فالماهية موجودة في النفس بثبوت شوقي ، كما توجد في الخارج بثبوت خارجي. وعليه فللمتكلم أن يقصد إحضار المعنى بماله من الثبوت في موطن الشوق بتوسطه بما له من الثبوت في موطن الخارج. فالماهية الشخصية دالة بثبوتها الخارجي على نفسها الثابتة بالثبوت الشوقي.
نعم لا بد من إرادة اخرى مقومة للاستعمال ، وجعل اللفظ بوجوده الخارجي فانيا في اللفظ بوجوده الشوقي ، وإلا فالإرادة المتقوّمة بنفس الماهية الشخصية ـ كما ذكرنا ـ مقوّمة لاختياريتها ، ولا تكون دلالة الصادر عليها دلالة كلامية ، بل دلالة عقلية ، ونفس هذه الارادة لا يعقل أن تكون مصححة لفناء اللفظ في نفسه ؛ للزوم الدور على المشهور ، والخلف على التحقيق.
ولا ينافي ما ذكرنا إرادة شخص نفسه ؛ لأنّ المراد بالذات والصادر ماهية شخصية من غير جهة الإرادة ، في قبال ما إذا اريد إفناء اللفظ في طبيعة. (١) المطلقة أو المقيدة.
كما أنّ فرض إرادة اخرى ـ مصححة للدلالة الكلامية ـ لا ينافي فرض إرادة شخصه وعدم إراءة غيره به ، فإنّ المرئيّ ـ حينئذ ـ نفس الماهية الشخصية ، غاية الأمر : ثبوتها في موطن دالّ على ثبوتها في موطن آخر ، ولا ينافي ترتب الحكم
__________________
(١) لعلها : الطبيعة ... ( .. الطبيعة المطلقة .. ) ، ولعل مراده : طبيعة الماهية المطلقة.