والتعيني ... الخ ) (١).
وأما على ما ذكرنا ـ من أن حقيقة الوضع اعتبار الواضع ـ فلا جامع بينهما ، بل الوضع التعيني يشترك مع التعييني في نتيجة الأمر ؛ إذ كما أن اعتبار الواضع يوجب الملازمة بين اللفظ والمعنى من حيث الانتقال من سماع اللفظ إلى المعنى ، كذلك كثرة الاستعمال توجب استيناس أذهان أهل المحاورة بالانتقال من سماع اللفظ إلى المعنى ، فلا حاجة إلى دعوى اعتبار أهل المحاورة على حد اعتبار الواضع فانه لغو بعد حصول النتيجة.
١٧ ـ قوله [ قدس سره ] : ( الملحوظ حال الوضع إما يكون ... الخ ) (٢).
لا يخفى عليك : أن الغرض من الملحوظ حال الوضع ما لا بد من لحاظه ؛ حيث إن العلقة الوضعية نسبة بين طرفيها ، فلا بد من ملاحظة طرفيها إما بالكنه والحقيقة ، أو بالوجه والعنوان.
ومنه يظهر فساد القسم الرابع ؛ لأن الوضع للكلي لا يحتاج إلا إلى ملاحظته ، بخلاف الوضع للأفراد الغير المتناهية ، فان لحاظ الغير المتناهي غير معقول ، فلا بد من لحاظها بجامع يجمع شتاتها ، ويشمل متفرّقاتها ، وهو الكلي المنطبق عليها ، فان لحاظها (٣) بالوجه لحاظها بوجه.
فما أفاده بعض الأعلام ( قده ) (٤) : من معقولية القسم الرابع ؛ نظرا إلى أنه كالمنصوص العلة ، فان الموضوع للحكم فيه شخصي ، ومع ذلك يسري الى كل ما فيه العلة. وكذلك إذا وضع لفظ لمعنى باعتبار ما فيه من فائدة ، فان الوضع
__________________
(١) الكفاية : ٩ / ١٩.
(٢) الكفاية : ١٠ / ١.
(٣) المراد ملاحظة الكلي بما هو كلي كما في المحصورة ، لا نفس الطبيعي ولو مهملة. ومن البديهي أن لحاظ ما لا يمتنع صدقه على كثيرين ليس لحاظ الكثيرين ، بل لا بد من أن يكون بحيث يصدق فعلا على الكثيرين حتى يكون لحاظه لحاظ الكثيرين. فتدبر. [ منه قدس سره ].
(٤) المحقق الرشتي ـ قدس سره ـ في بدائعه : ٤٠.