قلت : ليس ذات المؤدّى ذات مصلحة ، بل بما هي مؤدّى الأمارة المخالفة للواقع ، فهي بهذه الحيثية مصداق الجامع لا مطلقا ، فالجامع ـ بوجوده الساري في الواقع ، وفي مؤدّى الأمارة المخالفة للواقع ـ لا يعقل أن يكون مأمورا به بحيث يسري الأمر منه إلى الفردين تخييرا ؛ إذ ما لم يتعلّق أمر بالواقع ، ولم تقم أمارة مخالفة له لا يكون المؤدّى ذا مصلحة ولا مصداقا للجامع ، فكيف يعقل انبعاث الأمر إلى فردي الجامع تخييريا من قبل الأمر بالجامع بوجوده الساري في الفردين؟ إذ لا ثبوت لهذا الموضوع في حد موضوعيته قبل تعلّق الأمر بالجامع في ضمن الواقع ، فلا محالة يكون الأمر بالجامع في ضمن الواقع ، والأمر بالجامع في ضمن المؤدّى تعيينيين.

__________________

المؤدّى بمصلحة الواقع ، فلذا أرجعنا التخيير إلى الأمر بالجامع ، وإنما التزمنا في الجواب باعتبار حيثية قيام الأمارة المخالفة للواقع ، مع أن الأمارة الموافقة أيضا كذلك ؛ لأن المفروض الحاجة إلى المصلحة البدلية في صورة عدم مصادفة الواقع.

نعم ، ما أجبنا به ـ من تأخّر رتبة المؤدّى عن رتبة الواقع الذي يقابله ، وأنه مانع عن الأمر بهما تخييرا في عرض واحد ، أو عن سريان الأمر بهما من الأمر بالجامع ـ فهو مبني على ما هو المعروف من مانعية تأخّر الرتبة عن عرضية حكمي المرتّب والمرتب عليه.

وأما بناء على ما مرّ منا مرارا ـ من عدم المانعية ـ فلا مانع من الأمر بالجامع وتسريته إلى الواقع والمؤدّى في عرض واحد ، بل لا مانع من هذه الحيثية ابتداء من جعل الحكم لهما تخييرا بنحو القضايا الحقيقية.

نعم الأمر الفعلي بهما في عرض واحد محال تعيينا وتخييرا ؛ إذ فعلية الأمر بالمؤدّى منوطة بعدم وصول الواقع ، وفعلية الواقع منوطة بوصوله ، فلا فعليّ إلا أحدهما دائما ، وكما يستحيل فعلية الأمر بهما تعيينا ، فكذا تخييرا.

ولا فرق في محذور التخييرية بين مقام الإنشاء الواقعي ومقام الفعلية ، فان الإنشاء الواقعي في الواقع ، والمؤدّى بداعي جعل الداعي ، ويستحيل الانشاء التخييري بالنسبة اليهما بداعي الإيجاب التخييري عند وصولهما ؛ إذ يستحيل اجتماع وصولهما ، فلا بدّ من الأمر بكلّ منهما تعيينا ، فإنّ التعيينية لا تستدعي الاجتماع في الوصول ، بخلاف التخييرية ، فإنها متقوّمة بطرفين فتدبر. [ منه قدّس سرّه ].

۴۲۶۱