__________________
فالزائد فائت لا مفوّت حتى يقبح ، مع أن تفويت مصلحة بإيصال مصلحة تساويها أو أقوى منها ـ ولو لم يكن من سنخها ـ لا قبح فيه.
وأما ما يستظهر من كلام الشيخ الأعظم ـ قدّس سرّه ـ في الرسائل : من الالتزام بالتدارك بمقدار الفوت بتقريب : أنه إذا صلى الجمعة في أول الوقت فانكشف وجوب الظهر واقعا ، فقد فاتته فضيلة أول الوقت ونلتزم بتداركها ، لكن مصلحة أصل الوقت ـ ومصلحة طبيعة الصلاة ـ باقية على حالها ، ويمكن استيفاؤها بالإعادة ، وإذا انكشف الخلاف بعد الوقت ، فقد فاتته مصلحة الوقت ، وهي متداركة ، لكن مصلحة طبيعة الصلاة باقية فتستوفى بالقضاء ، كما في سائر موارد القضاء ، وإن لم ينكشف الخلاف فمصلحة طبيعة الصلاة أيضا متداركة ، ويصحّ حينئذ أن يقال بعدم الإجزاء عند انكشاف الخلاف ، مع الالتزام بتدارك المقدار الفائت ، ومرجعه إلى القول بالموضوعية والمصلحة البدلية وعدم الإجزاء عند انكشاف الخلاف.
فمخدوش : بأنّ مقتضى اشتمال الصلاة في أول الوقت على مصلحة أوّل الوقت ـ وهي غير لزومية ـ أن يكون التكليف بمؤدّى الأمارة غير لزومي ، مع أنّ المفروض جعل الحكم المماثل لما أدّت إليه الأمارة من وجوب صلاة الجمعة ، مضافا إلى أن الصلاة إذا اتي بها في وقت الإجزاء ، وانكشف الخلاف في الوقت ، فلازم كلامه ـ قدس سره ـ أن لا يكون مأمورا بها أصلا ؛ حيث لا تشتمل على مصلحة لزومية ولا غير لزومية.
ولا يمكن التفصّي عن ذلك : بأنّ الإنشاء الطريقي لمجرّد تنجيز الواقع ، فإنّ الفعل إذا كان ذا مصلحة لزومية أو غير لزومية ، فهو يقتضي الحكم اللزومي أو غيره على حدّ التكاليف الواقعية ، خصوصا عند من يلتزم بصحة الصلاة واقعا إذا لم ينكشف الخلاف فإنها واجدة لجميع ما تكون الصلاة الواقعية واجدة لها من مصالحها. هذا كلّه بالنسبة إلى إثبات المصلحة البدلية بلحاظ قبح تفويت المصلحة.
ويمكن : دعوى بدلية المصلحة من طريق آخر ، وملخّصه أنّ مصلحة الواقع ومصلحة المؤدى : إمّا أن تكونا قابلتين للاجتماع ، وإمّا أن تكونا غير قابلتين له.
فعلى الأول ـ يجب الأمر بتحصيلهما تعيينا ، مع أنه لا يتعين عليه تحصيل المصلحة الواقعية بالتكليف بتحصيل العلم ، بل له الاقتصار على التعبد بمؤدى الامارة.
وعلى الثاني ـ يجب الأمر بتحصيلهما تخييرا لمكان المضادّة بينهما ، مع أن ظاهر الأمر الواقعي والطريقي كونهما تعيينيين ، والمفروض لزوم تحصيل مصلحة الواقع بعد انكشاف الخلاف وإحراز مصلحة المؤدى ، والتخييرية منافية لمقامي الثبوت والإثبات معا ، بخلاف ما إذا كانت مصلحة المؤدّى بدلية ، فإنّ مقتضى قيامها مقام المصلحة الواقعية عدم تعيّن تحصيل المصلحة الواقعية ،