فلعلّه معنى اختيار الأحبّ إليه تعالى ؛ إذ ليس بعد وجود الغرض القويّ وجود للضعيف ؛ كي ينسب الاختيار إليهما معا ، بل الموجود من الأثر الباقي ـ المحبوب عند الله تعالى الظاهر بصورته المناسبة له في الدار الآخرة المستتبعة للمثوبات ـ هو هذا الوجود القويّ ، وذلك لا ينافي حصول الغرض الملزم بالمأتيّ به أوّلا وسقوط الأمر به. وكذا الأمر في قوله ـ عليه السلام ـ : « يحسب له أفضلهما وأتمّهما » (١) برفعهما ، وأما بناء على نصبهما ـ كما هو الظاهر من سياق الخبر ـ فلا دلالة له على مدّعى الخصم ، فإن الظاهر محسوبية الصلاتين ، غاية الأمر أنه أفضلهما ، وهو مناف لتبديل الامتثال بالامتثال. وقوله ـ عليه السلام ـ : « يجعلها الفريضة » (٢) : إما بمعنى يجعلها ظهرا أو عصرا أو نحوهما مما أدّاها سابقا ، لا نافلة ذاتية ؛ حيث لا جماعة فيها ، وإما بمعنى يجعلها لما فات من فرائضه ، كما في خبر آخر : « تقام الصلاة وقد صليت؟ فقال ـ عليه السلام ـ : صلّ واجعلها لما فات » (٣) ، وليس فيما ورد فيه يجعلها الفريضة عنوان الإعادة كي يأبى عن هذا الاحتمال. فراجع.
مع أن لازم استقرار الامتثال على الثاني ـ أو على أحدهما الأفضل عند الله ـ عدم إمكان التقرّب بالأوّل على الأوّل ، وعدم التقرّب الجزمي بكل منهما على الثاني إذا كان بانيا من أوّل الأمر على إتيانهما.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥١ ، باب : ٥٦ في الجماعة ، حديث : ٤٣.
(٢) الكافي ٣ : ٣٧٩ ، كتاب الصلاة باب : ٥٥ في الرجل يصلي وحده ثم يعيد في الجماعة ، حديث : ٤٢ ، والفقيه ١ : ٢٥١ باب : ٥٦ في الجماعة وفضلها ، حديث : ٤٢.
(٣) الفقيه ١ : ٢٦٥ ، باب : ٥٦ في الجماعة وفضلها ، حديث ١٢٣ ، التهذيب ٣ : ٥١ ، باب ٢ في أحكام الجماعة ، حديث ٨٩ ، ٩٠ ، والوسائل ٥ : ٤٥٧ ، كتاب الصلاة ، أبواب الجماعة ، باب : ٥٥ في جواز الاقتداء في القضاء بمن يصلي أداء او بالعكس ، حديث : ١.