احدهما ـ انطباق عنوان حسن بالذات أو ما ينتهي إلى ما هو كذلك ـ عليه.

ثانيهما ـ إضافته إلى من يستحق من قبله المدح والثواب بالذات أو بالعرض ، ولو فقد أحد الأمرين لم يستحقّ المدح والثواب.

والوجه في اعتبار الأول : أن مجرّد المشي إلى السوق ـ مثلا ـ لا يمدح عليه عند العقلاء ما لم ينطبق عليه عنوان يوجبه ذاتا ، ومجرّد كون الداعي أمر المولى لا يوجبه ذاتا ؛ إذ الداعي المذكور : إن لم يوجب تغيّر عنوان الفعل لم يكن موجبا لتأثيره في المدح ذاتا ، وإن أوجب ما لا يوجبه ذاتا ، بل بالعرض وجب انتهاؤه إلى ما يوجبه ذاتا للزوم انتهاء كل ما بالعرض إلى ما بالذات ، وإلا لزم التسلسل ، والعنوان الحسن ـ المنطبق على المأتي به بداعي الأمر ـ عنوان الانقياد والتمكين الذي هو عدل وإحسان.

والوجه في اعتبار الثاني : أنّ الفعل إذا لم يرتبط بمن يستحقّ من قبله المدح والثواب ، كان نسبة إليه وإلى غيره على حدّ سواء ، وارتباطه إلى المولى إما بالذات أو بالعرض المنتهى إلى ما بالذات ، فمثل تعظيم المولى يضاف إليه بنفسه ولو لم يكن أمر وإرادة ، وأما مثل تعظيم زيد الأجنبي عن المولى ، فهو غير مضاف بطبعه إلى المولى ، ولا بدّ في إضافته إليه من أن يكون بداعي أمره وإرادته ، فهذا الداعي من روابط الفعل إلى المولى ، ويدخل تحت عنوان مضاف إليه بذاته كعنوان الانقياد والاحسان.

فاتّضح : أن الفعل وإن لم يكن في حدّ ذاته موجبا للمدح والثواب لانتفاء الأمرين ، لكنه إذا أتى به بداعي الأمر انطبق عليه عنوان حسن بالذات ، وارتبط إلى المولى أيضا كذلك.

وأما الإتيان بسائر الدواعي القربية ، فليس كذلك ، ولا بأس بالإشارة إليه ، كي ينفعك فيما بعد (١) إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) كما في التعليقة : ١٧٥ من هذا الجزء.

۴۲۶۱