__________________
المجعولة ، بل من الصفات النفسانية الغير المجعولة بالجعل التشريعي.
وأما الثاني : فلا بأس به بناء على تفاوت الإرادة الباعثة على جعل الداعي في مقام الإيجاب والاستحباب ، ونحن وإن أشكلنا عليه في أثناء مباحث الضد (أ) ، لكنا دفعناه أيضا بتعقّل التفاوت ، فإنّ شدة الإرادة وضعفها منبعثة (ب) عن شدة موافقة المصلحة لغرض المولى وضعفها ، بحيث تؤثر الشدة في دفع المزاحم ، ولا يؤثر الضعف في دفعه لو كان ، وإن كانت تؤثر في حركة العضلات لو لم يكن مزاحم من باب الاتفاق.
وأما الثالث : فهو أيضا مما لا بأس به إلا أنّ الإنشاء المنبعث عن مصلحة ليس إلاّ إظهارا للمصلحة الملزمة مثلا ، وهذا ليس من حقيقة الحكم المجعول ـ وهو الانشاء بداعي جعل الداعي ـ فلا بدّ من توسيط جعل الداعي ، كما أن الإنشاء بداعي إظهار الإرادة الحتمية كذلك ، كما لا يخفى. وهذا كلّه لأنّ الوجود الإنشائي ليس إلا وجود المعنى بوجود اللفظ تنزيلا كما هو شأن الاستعمال ، وهو غير الوجود الاعتباري للبعث او للملكية ونحوهما ، كما حقق في محله.
وأما الرابع والخامس ففيهما : أنّ معيّة المنع من الترك أو الترخيص فيه مع البعث الجدي والتحريك الحقيقي إمّا معيّة موجود (ج) مستقلّ مع وجود مستقلّ آخر ، فيكون النتيجة انبعاث الإنشاء عن مجموع داعيين ، وإمّا معيّة الفصل مع الجنس بحيث يكون أمر واحد حقيقة ينبعث عنه الإنشاء ، وإمّا معيّة لازم الوجود مع ملزومه ، بحيث يكون الإنشاء منبعثا عن الملزوم ، وإن كان له هذا اللازم ، فلا بدّ من خصوصية اخرى يكون جعل الداعي تارة ملزوما لهذا اللازم ، واخرى لا يكون ، وتلك الخصوصية إمّا حتمية الإرادة ، أو كون المصلحة ملزمة ، أو كون البعث أكيدا ، وهذا لازم تأكده. وعلى أي حال لا يكون هذا الاحتمال بناء على الوجه الأخير مقابلا لسائر الاحتمالات ، واحتمال المعية بالمعنى الأوّل لا يساعده مقام الثبوت ، ولا مقام الإثبات :
أما مقام الثبوت : فلأن الفعل إذا كانت فيه مصلحة لزومية لا ينقدح بسببها إلا الإرادة
__________________
(أ) وذلك في التعليقة : ١١٧ من الجزء الثاني عند قوله : ( وأما كونه مرتبة وحيدة ... )
(ب) كذا في الأصل ، والصحيح منبعثتان ..
(ج) كذا في الأصل ، والصحيح ظاهرا : معيّة وجود مستقل ..