فناء المفهوم فيه في ذهن المخاطب لا يستدعي ثبوت المطابق في الخارج ؛ إذ العلم يتقوّم بالمعلوم بالذات ، لا بالمعلوم بالعرض ، وهذا الإحضار الخاصّ ربّما يكون عن جدّ بداعي الإعلام أو الإعلام بعلم المتكلم او بداعي إظهار التألّم او التأسّف ، وربما لا يكون عن جدّ ، بل قنطرة محضة إلى لازمه أو ملزومه ، فلذا لا يتّصف بالصدق والكذب بلحاظ نفسه.
١٦٣ ـ قوله [ قدس سره ] : ( فإنّ شدّة مناسبة الإخبار بالوقوع ... الخ ) (١).
لكنه لا يوجب تعيّنه من بين المحتملات في مقام المحاورة ؛ حتى يقال : إنه مبيّن بذاته في مقام البيان ، فلو اقتصر عليه المتكلّم لم يكن ناقضا لغرضه ولعله ـ دام ظلّه ـ أشار إليه بقوله : ( فافهم ) (٢).
لا يقال : حيث لا نكتة للإخبار عن الوقوع إلاّ ما ذكر فيتعيّن الوجوب.
لأنا نقول : لا تنحصر النكتة فيما يعيّن الوجوب ، بل من المحتمل إرادة مطلق الطلب ؛ نظرا إلى أن الإرادة ـ سواء كانت حتمية أو غير حتمية ـ مقتضية للفعل.
وبعبارة اخرى : البعث الصادر عن إرادة حتمية أو غير حتمية حيث إنه لجعل الداعي إلى الفعل ، فهو مقتض للوقوع ، فالإخبار عن المقتضي إظهارا للمقتضى نكتة صحيحة مصحّحة لإرادة الفعل كذلك.
نعم النكتة المعيّنة للوجوب أنسب بالإخبار عن الوقوع ، وشدة المناسبة بنفسها لا توجب كون الوجوب قدرا متيقّنا في مقام المخاطبة.
١٦٤ ـ قوله [ قدس سره ] : ( نعم فيما كان الأمر بصدد
__________________
(١) الكفاية : ٧١ / ١٩.
(٢) الكفاية : ٧١.