الداعي الحقيقي حفظ النظام ، وهو مترتب على عموم التخويف والإلزام ـ فلا مجال للإشكال. غاية الأمر أن ارتداع النفوس الطاهرة من الفوائد ، كما أنّ كونه (١) حجة لله على النفوس الخبيثة من الفوائد ، وهذا معنى تسجيلية أوامر العصاة والكفّار. فافهم واستقم.

الثاني : أن المخالفة والعصيان تقتضي استحقاق العقاب عقلا ، فالعقل هو المخوّف على المخالفة ، واختيار العقاب فيما لا مانع منه ـ من توبة أو شفاعة مثلا ـ مما تقتضيه الحكمة الإلهية والسّنة الربّانية لعين ما ذكرناه في جعل العقاب ، غاية الأمر أن للشارع الاكتفاء في التخويف بتخويف العقل من دون حاجة إلى جعل العقاب ، فما ورد من التصريح بالعقاب على المخالفة ليس تعهّدا للعقاب ، بل تصريح بمقتضى الأمر عقلا ، فحينئذ إذا أقدم العبد على المخالفة ـ مع حكم العقل بما ذكرنا ـ فلا يلومنّ إلاّ نفسه.

وأما وجه حكم العقل باستحقاق العقاب فلما ذكرنا في محلّه (٢) من أن مخالفة المولى عن علم وعمد هتك لحرمة المولى ، وخروج معه عن رسوم العبودية ومقتضيات الرقية ، وهو ظلم ، خصوصا على مولى الموالي ، ومن يتوهّم أن الظلم على المولى لا يسوّغ عقاب الظالم ومؤاخذته ، فقد كابر مقتضى عقله ووجدانه. وتمام الكلام في محلّه.

__________________

(١) ورد في هامش الأصل ( استظهار ) أنّ الصحيح : ( كونها ) ، فالمستظهر قد أرجع الضمير على النفوس الطاهرة ، ولا شكّ بكونها حجة لله على النفوس الخبيثة ، ولكن إرجاع الضمير في ( كونه ) على ارتداع النفوس الطاهرة ـ كما فعل المصنف (رحمه الله) : ليس خطأ ؛ لأن ارتداعها حجة ايضا ، فعبارة المتن صحيحة ، كما هو واضح.

(٢) التعليقة ١٠ على قول المصنّف (رحمه الله) : ( الحق أنّه يوجبه لشهادة الوجدان بصحة مؤاخذته ... الخ ) في حجّيّة القطع ـ في التجرّي.

۴۲۶۱