ودعوى لزوم بقاء الارادة (١) على حال بحيث لو شاء فعل ، ولو لم يشأ لم يفعل فاسدة ؛ لأنّ الإرادة ما لم تبلغ حدّا يستحيل تخلّف المراد عنها لا يمكن وجود الفعل ؛ لأنّ معناه صدور المعلول بلا علّة تامّة ، وإذا بلغت ذلك الحد امتنع تخلّفها عنه ، وإلاّ لزم تخلّف المعلول عن علّته التامّة.

__________________

(١) قولنا : ( ودعوى لزوم بقاء الإرادة ... الخ ).

ربما يقال : [ القائل المحقق النائيني (رحمه الله) ـ كما في هامش ( ق ، ط ) ـ راجع أجود التقريرات ١ : ٨٩ ـ ٩٢ ] : لا بدّ من عدم عليّة الإرادة بنحو لا ينفكّ عنها الفعل ، وإلاّ لم تكن العضلات منقادة للنفس في حركاتها ، مع أن النفس تامة التأثير وجدانا في العضلات ، ولا مزاحم لها في سلطانها ، وتأثير النفس في عضلاتها هو اختيارها ، فالاختيار مرتبة اخرى بعد الإرادة ، وهو مناط اختيارية الأفعال ، وهو فعل النفس وعليتها وتأثيرها ، وحيث إنه عين الاختيار ، فلا يحتاج إلى أمر آخر يكون به الاختيار فعلا اختياريا.

وتوهّم : كونه ممكنا وحادثا فيحتاج إلى علّة تامّة ، فيكون ترتّبه عليها قهريا ، نظير ترتب الفعل على الإرادة قهرا.

مدفوع : بالفرق بين الفعل الاختياري وغيره من الممكنات ، فان الفعل الاختياري لا يحتاج إلا إلى فاعل ، مع وجود المرجحات لاختياره ، من دون حاجة إلى علة تامة ، بخلاف ما عداه ، فانه موقوف على العلّة التامّة.

والجواب : أن الالتزام بالفعل النفساني المسمّى بالاختيار : إما لأجل تحقيق استناد حركة العضلات إلى النفس حتى تكون النفس فاعلا ومؤثرا في العضلات ، بخلاف ما إذا استندت حركة العضلات إلى صفة النفس ـ وهي الإرادة ـ فإنّ المؤثّر فيها هي تلك الصفة لا النفس ، وإما لاجل أن الإرادة ـ حيث إنها صفة قهرية منتهية إلى الإرادة الأزلية ـ توجب كون الفعل المترتّب عليها قهريا غير اختياري ، فلا بد من فرض فعل نفساني هو عين الاختيار ؛ لئلا يلزم كون الفعل بواسطة تلك الصفة القهرية قهريا.

فإن كان الأوّل ففيه : أن العلّة الفاعلية لحركة العضلات هي النفس بواسطة اتحادها مع القوى ، والعلم والقدرة والارادة مصححات لفاعلية النفس ، وبها تكون النفس فاعلا بالفعل ، والفعل يستند إلى النفس ، وهي العلة الفاعلية ، دون شرائط الفاعلية ، كما في غير المقام ، فان المقتضى يستند إلى المقتضي دون الشرائط ، وإن كان له ترتّب على المقتضي وشرائطه فمن هذه الحيثية

۴۲۶۱