المصداق ، لا رجوع مفهوم إلى مفهوم. ومن البين أن مفهوم الإرادة ـ كما هو مختار الاكابر من المحققين ـ هو الابتهاج والرضا ، وما يقاربهما مفهوما ، ويعبّر عنه بالشوق الأكيد فينا.

والسرّ في التعبير عنها بالشوق فينا ، وبصرف الابتهاج والرضا فيه تعالى : أنا لمكان إمكاننا ناقصون غير تامّين في الفاعلية ، وفاعليتنا لكل شيء بالقوة ، فلذا نحتاج في الخروج من القوة إلى الفعل إلى امور زائدة على ذواتنا ـ من تصور الفعل والتصديق بفائدته والشوق الأكيد ـ المميلة جميعا للقوة الفاعلة المحرّكة للعضلات ، بخلاف الواجب تعالى فإنه ـ لتقدّسه عن شوائب الإمكان وجهات القوة والنقصان ـ فاعل وجاعل بنفس ذاته العليمة المريدة ، وحيث إنه صرف الوجود ، وصرف الوجود صرف الخير ، فهو مبتهج بذاته أتمّ ابتهاج ، وذاته مرضية لذاته أتمّ الرضا. وينبعث من هذا الابتهاج الذاتي ـ وهي الإرادة الذاتية ـ ابتهاج في مرحلة الفعل ، فإن من أحبّ شيئا أحبّ آثاره ، وهذه المحبّة الفعلية هي الإرادة في مرحلة الفعل ، وهي التي وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار ـ سلام الله عليهم ـ بحدوثها (١) ؛ لوضوح أن المراد هي الإرادة التي هي غير المراد ، دون الإرادة الأزلية التي هي عين المراد ؛ حيث لا مراد في مرتبة ذاته إلا ذاته ، كما لا معلوم في مرتبة ذاته إلاّ ذاته.

والوجه في تعبير الحكماء عن الإرادة الذاتية بالعلم بنظام الخير وبالصلاح : أنهم بصدد ما به يكون الفعل اختياريا وهو ليس العلم بلا رضا ، وإلا كانت الرطوبة الحاصلة بمجرّد تصوّر الحموضة اختيارية ، والسقوط عن حائط

__________________

(١) اصول الكافي ـ نشر المكتبة الاسلامية ـ : ١ / ٨٥ ـ ٨٦ / باب الإرادة .. ، وتوحيد الصدوق (رحمه الله) ـ نشر جماعة المدرسين ـ باب صفات الذات والأفعال / الحديث ١٥ ـ ١٩ / ص : ١٤٦ ـ ١٤٨.

۴۲۶۱