بالحقيقة وبالذات ؛ لأن إيجاده في النفس ، وإن كان معقولا ، لكن إيجاده باللفظ غير معقول ، فلا يكون معنى إنشائيا مدلولا عليه بالكلام اللفظي ، ومجرّد الحكاية باللفظ عن الفعل النفساني لا يجعله كلاما إنشائيا.
وأما تخيّل : أن الكلام الإنشائي موضوع لإظهار الإرادة : إما طبعا ، أو إيجادا ؛ نظرا إلى إمكان إيجاد القصد لفائدة فيه ، لا في المقصود ، كما في الإتمام المرتّب على قصد الإقامة ؛ حيث إنه أثر القصد ، لا الإقامة عشرا ولو لم تقصد ، ولا الإقامة بعد القصد ، فإنّه يتمّ ولو لم يقم بعده ، وحينئذ فإن كان هناك في النفس إرادة ، فقد أعطت الصيغة معناها ، وإلا فلا.
فمدفوع : بأنّ اللفظ وجود لفظي لمعناه ، فإن كان نفس الإرادة معنى اللفظ والإظهار باللفظ ـ كما في كل لفظ ومعنى ـ فليس هناك نسبة إنشائية ، وإن كان نفس إظهار الإرادة معناه ، فالهيئة حينئذ وجود لفظي لمفهوم إظهار الإرادة ـ ولو فانيا في معنونه ـ وهو ليس معنى يصحّ السكوت عليه ، إلا أن يرجع إلى الإرادة النسبية الإنشائية. وكون هذه الهيئة كاشفة عن إرادة جدّية حتمية ـ وضعا ، أو انصرافا ، أو اطلاقا ـ معنى آخر لا دخل له بمدلول اللفظ استعمالا.
وأما إيجاد القصد لفائدة فيه ، فهو وإن كان ببعض الوجوه ممكنا ، لكنه لا بهذا النحو ، والمثال المزبور لا يجدي في تصحيحه ؛ لأنّ الإقامة القصدية ـ أي المقوّمة للقصد في نحو وجوده ـ لها دخل في وجوب الإتمام ، فيقصدها لأجل أن يتمّ بسبب تحقّق وجودها القصدي ، فتعلق القصد إليها ـ أيضا ـ لفائدة فيما يتعلق بها بحيث لولاها لما وجب الإتمام ، وفناء المقصود في الإقامة الخارجية أيضا لازم ، وإلا أمكن إيجاد القصد مع العلم بعدم الإقامة خارجا.
١٥١ ـ قوله [ قدس سره ] : ( وأما الدفع فهو أنّ استحالة التخلّف إنما تكون في الإرادة التكوينية ... الخ ) (١).
__________________
(١) الكفاية : ٦٧ / ١٦.