__________________
والنوريّة ، والخيريّة ، وأشباهها.
والكلام هنا في القسم الثالث ، والمدّعى : أنّ المطابق بالذات ـ والمصداق بلا واسطة أصلا ـ هو نفس الوجود ؛ إذ لو كان الوجود مطابقا لها بالعرض مع انتهاء كل ما بالعرض إلى ما بالذات ، فلا محالة يكون المطابق بالذات لها : إما الماهية ، أو العدم ، أو وجود آخر. وحيث إن هذه النعوت مما يوصف بها الوجود ، فلا بدّ من أن يكون تلك الامور التي لها الوساطة في العروض مما له نحو من الاتحاد بالموجود الموصوف بها بالعرض. فالأمر يدور بين أن يكون المطابق بالذات لهذه النعوت : إما نفس حقيقة الوجود ، أو حدّها الماهوي ، أو حدّها العدمي اللازم لحدّها الماهوي ، أو حيثية وجودية قائمة بها قيام العرض بموضوعه : إما قياما انضماميا ، أو قياما انتزاعيا.
وحينئذ فنقول : مع أن المفروض عروض هذه النعوت للواجب ـ الذي لا حدّ ماهويّ ولا حدّ عدميّ ولا حيثية عرضية له ـ يرد على توصيف الماهية بها : أنّ كلّ ماهية ـ بحسب وجدانها الماهوي ـ لا تكون إلاّ واجدة لذاتها وذاتياتها ، وليست هذه النعوت من ذاتياتها ، وإلاّ لزم الخلف.
ويرد على توصيف حدّها العدمي : أن العدم لا يكون مطابقا لهذه المفاهيم الثبوتية ، وإلا لزم كون حيثية النفي عين حيثية الثبوت ، وحيثية العدم عين حيثية الوجود ، وهو خلف.
ويرد على توصيف حيثية وجودية عرضية بها : أن الكلام فيها كالكلام في المتحيّث بتلك الحيثية من أن الموصوف بتلك الأوصاف بالذات : إمّا نفس وجودها ، أو ماهيتها ، أو العدم اللازم لها. والماهية والعدم قد علم حالهما ، فلا مطابق لها إلا وجودها.
وإذا كان الوجود ـ بما هو ـ مصداقا لها بالذات ، فالوجود المفروض أوّلا كذلك ؛ إذ المفروض أن هذه النعوت ليست من عوارض الوجود المحدود بما هو محدود ، وكلّ ما كان عين حقيقة وجود بما هو وجود ، كان عين سائر أفراد حقيقة الوجود ، وإلاّ لزم التخصّص بلا مخصّص.
وأما جعل هذه الأوصاف بأنفسها حيثيات وجودية قائمة بالموجودات ، فلا محالة تكون بطبائعها من المقولات العرضية في قبال سائر المقولات العرضية التسع المعروفة.
فمع أنه يرد عليه : أنه مناف لعروضها للوجود الواجبي ، وهو لا يكون محلاّ وموضوعا للمقولة العرضية لمنافاة العروض لوجوب الوجود.