حمل الجنس على الفصل ، وبالعكس ؛ لاتّحاد مبادي الذاتيات في الوجود ، كما هو التحقيق. أو اتحاد المبدأ مع الموضوع بحيث يكون المبدأ هو نحو وجود الموضوع ، لا كالمثال السابق ، وهذا كما في ( الإنسان موجود ) ، فإنّ الماهية والوجود متحدان في الوجود ، لكن الوجود نفس كون الماهية في الخارج. أو عينية المبدأ لتمام ذات الموضوع عينا ، كما في صدق الأسود على السواد ، وصدق الموجود على الوجود ؛ إذ لو اتّصف الجسم بواسطة أمر خارج عن ذاته بالأسود ، فالسواد أولى بأن يصدق عليه الأسود ؛ لأنّ وجدان الشيء لنفسه ضروري ، وكذلك في الوجود والموجود.

ومن هذا الباب صدق الصفات الكمالية ، والنعوت الجلالية والجمالية على ذاته الأقدس (١) ـ تعالى وتقدس ـ فان مباديها عين ذاته المقدسة ، وهذا نحو من القيام ، بل هو أعلى مراتب القيام ، وان لم يصدق عليه القيام في العرف العام ، ولا بأس به لعدم انحصار مناط الصدق في ما هو قيام في العرف العام ، وتفاوت الموارد في وجه الصدق لا يوجب تفاوتا في المفهوم كي يقال : إن العرف لا يراعي مثل هذه الامور الدقيقة ، فإن العرف مرجع تشخيص المفاهيم ، والمفروض عدم اختلافها باختلاف وجه تطبيقها على مصاديقها ، مثلا : العالم من ينكشف لديه الشيء ، وما به الانكشاف : تارة عرض كما في علمنا بالامور الخارجة عن ذاتنا ، واخرى جوهر نفساني كما في علمنا بذاتنا ، فإن مرجعه إلى حضور ذاتنا لذاتنا ، وعدم غيبة ذاتنا عن ذاتنا ، وثالثة جوهر عقلي كما في علم العقل ، ورابعة وجود واجبي ـ لا جوهر ولا عرض ـ كما في علمه تعالى. وحقيقة العلم في جميع الموارد نحو من الحضور ، وان كان ما به الحضور في كل مورد غير ما به الحضور في مورد آخر.

__________________

(١) كذا في الأصل ، والصحيح : القدسى ؛ لأن أصحاب المعاني استعملوا الذات مؤنثة ، واستعاروها لعين الشيء ـ جوهرا كان أو عرضا ـ واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر وبالألف واللام ، وليس ذلك من كلام العرب. ( مفردات الراغب ـ مكتبة الانجلو المصرية ـ : ٢٦٣ ) بتصرف.

۴۲۶۱