بسبب قيام كل منهما بالآخر ، لا بلحاظ اتحاد كل منهما مع الآخر ، فهو أيضا غير صحيح ؛ لأن قيام النفس الناطقة بالبدن يصحح انتزاع الناطق من البدن ، وقيام البدن بالنفس الناطقة يصحح انتزاع عنوان الحيوان من النفس الناطقة ، وكما أن المبدأين متغايران وجودا ، كذلك المنشئان متغايران وجودا ، فلا يصح حمل الناطق على الحيوان (١) لعدم اتحاد مطابقهما في الوجود ، مع أنه لا شبهة في صحة الحمل ، وليس الوجه فيها إلا انتزاع كلّ من العنوانين من هويّة واحدة تسمّى بالانسان.
وأما عدم صحة حمل الناطق على البدن ـ مع قيام الصورة بالمادة وبالعكس ـ فالوجه فيه : أنه ـ بعد عدم الالتزام باتّحادهما في الوجود ـ ليس الناطق عنوان الفصل الطبيعي ؛ ليكون حمله على البدن من باب حمل الفصل على الجنس ، وكذا العكس ، مع أنه لا قيام للمادّة والجنس بالصورة والفصل إلا من باب قيام المعلول بالعلة ، وليس وجود المعلول نعتا للعلة ، ولا وجود العلة ناعتا للمعلول ، فلا يحمل المعلول على علته ، وكذا العلة على معلولها ، كما لا يحمل العنوان الذي كان مبدؤه ذات المعلول أو ذات العلة ، فتدبّره ، فإنه دقيق.
فلا بدّ من جهة وحدة حقيقية بين مبادي الذاتيات ؛ حتى يصحّ حمل أحدها على الآخر ، أو على ذيها ، والاعتبار اللابشرطي والبشرطلائي بعد الالتزام بالوحدة الحقيقية ؛ لما أشرنا إليه في الحواشي المتقدّمة. فراجع (٢).
وأعجب منه أنه (قدس سره) (٣) زعم أن التغاير بين الناطق والحساس
__________________
(١) قولنا : ( فلا يصحّ الحمل .. إلخ ).
وأمّا حمل الحيوان بالعرض على الناطق بالذات ، وحمل الناطق بالعرض على الحيوان بالذات ، فهو صحيح ، إلا أنه ليس من حمل أحد الذاتيين على الآخر ، والكلام فيه ، ( منه عفي عنه ).
(٢) التعليقة : ١٣١.
(٣) الفصول : ٦٢ / أول التنبيه الثاني.