فإن قلت : ليس مناط العروض هو العروض بحسب الوجود حتى يقال بأنه : لا تعدد للعوارض في الوجود ليلزم توسط بعضها لبعض ، بل مفاد الكون الرابط ، المتعدد بتعدّد العوارض التحليلية ، وحيث إنها مترتبة ـ والمفروض عدم ترتبها بما هي ؛ حيث إنه لا ترتب في الطبائع بما هي ، وعدم الترتب العلّي والمعلولي ـ فلا محالة يكون الترتب بلحاظ العروض على الموضوع ، فلا يمكن فرض جوهرية الموجود ، إلاّ بعد فرض كونه ممكنا ، وإلا فلا ينقسم الموجود ـ بما هو ـ إلى الجوهر والعرض ، وإنما هو تقسيم للموجود الإمكاني.
قلت : نعم ، المراد من العروض مفاد الكون الرابط ، إلا أنه كما أن العوارض التحليلية ـ بحسب الوجود الخارجي ـ كونها النفسي واحد ، وكونها الرابط لموضوعها ومعروضها واحد ، كذلك بحسب الفرض ، فان فرض إمكان الموجود فرض جوهريته وجسميته مثلا ، كما أن فرض البياض لموضوع فرض ثبوت اللون والمفرقية للبصر بفرض واحد ، وإن كان بين الجزءين ـ بل بين كل جزء والكلّ ـ سبق ولحوق بالتجوهر في مرحلة الماهية ، وسبق ولحوق بالطبع في مرتبة الوجود ، ومنه علم أن فرض الجوهر يستلزم فرض الامكان بفرضه ، لا بفرض قبله ، فتأمّل جيّدا.
ومما ذكرنا تعرف : أن الأعمّ والأخصّ ـ سواء كانا داخليين أو خارجيين ـ على نهج واحد ، فلا بد من ملاحظة العارض وعارضه من حيث اتحادهما في الوجود ، لا العارض ومعروضه الأوّلي ، كما مال إليه بعض الأعلام ممن قارب عصرنا (ره) (١) ، فجعل ملاك الذاتية كون العارض والمعروض الأوّلي متحدين في
__________________
(١) المحقق الرشتي في بدائع الاصول : ٣١.
وهو الشيخ الميرزا حبيب الله بن الميرزا محمد علي خان القوجاني الرشتي ، أصل عائلته من ـ