القوة والإبهام ، والآخر بنحو الفعلية والتحصّل ؛ ضرورة أن كل فعلية ـ بما هي فعلية ـ فهي تأبى عن فعلية اخرى.
وإذا كان أحد الجزءين عين الفعلية ، والآخر عين القوة ، فلا محالة يكونان مجعولين بجعل واحد ، وإلاّ لزم الخلف ؛ إذ الاستقلال في الجعل ينافي الوحدة الحقيقية.
ومن الواضح أنّ كلّ مجعولين بجعل واحد لا بدّ من أن يكون أحدهما مجعولا بالذات والآخر بالعرض ؛ حتى يصح نسبة الجعل إليهما مع وحدة الجعل حقيقة ، وحينئذ لا بدّ من مرور فيض الوجود من الأصل إلى التابع ، كالصورة بالنسبة إلى المادة ، وكالفصل بالنسبة إلى الجنس ، فاذا لوحظ مبدأ الجنس الطبيعي ـ مثلا ـ بما له من الدرجة الخاصّة من الوجود الساري ، لم يحمل على الفصل ؛ لتباين الدرجتين بما هما درجتان ، وإذا الغي الخصوصية ، ولوحظ اتحادهما في الوجود الساري ، صحّ الحمل ، وهذا معنى اتحاد الجنس والمادة واتحاد الفصل والصورة بالذات واختلافهما بالاعتبار. فتبين الفرق بين الجنس والفصل ، وبين العرض وموضوعه ؛ حيث إن التركيب بين الأوّلين حقيقيّ اتحادي ، وبين الأخيرين اعتباري لعدم الافتقار من الطرفين ، ولعدم اتحادهما في الوجود ، ومع المغايرة الحقيقية بينهما ، لا يمكن حمل أحدهما على الآخر بأيّ اعتبار كان.
نعم بناء على اتحاد الأعراض مع موضوعاتها في الوجود كما عن بعض أهل التحقيق (١).
__________________
(١) هو الحكيم المؤسّس الآقا علي المدرّس (رحمه الله) ، كما في هامش الأصل.
وهو الشيخ آغا علي بن الآغا عبد الله الزنوزي الحكمي الطهراني فيلسوف كبير وعالم جليل.
ولد في طهران في سنة ١٢٣٤ ، ونشأ فيها ، ودرس على أبيه وغيره ، فأتقن المعقول والمنقول ، وتخصّص بالفلسفة ، واشتهر بها متفوّقا على علماء عصره ، ملك فيها أزمّة التحقيق ، ودارت عليه رحى التدريس في الحكمة بطهران في عصره ، فلم يكن أفضل منه.