فاذا كانت حقيقة البياض ـ الملحوظة بما هي قائمة بذاتها ـ أبيض ـ مع قطع النظر عن موضوعها ـ فلا محالة لا دخل للنسبة في مفهوم الأبيض ، وإلاّ كان موقوفا على ملاحظة موضوعها وقيامها به ، وهذا معنى بساطة المشتقّ بساطة حقيقية ، وكون الفرق بينه وبين مبدئه الحقيقي باعتباري بشرط لا ولا بشرط ، فإن المراد من ملاحظته ( بشرط لا ) ملاحظته باستقلاله ، وبما هو شيء على حياله ، ومن ملاحظته ( لا بشرط ) إلغاء كونه كذلك ، وهو عين ملاحظته بما هو قائم بذاته.

ولكن لا يخفى عليك أن غاية ما أفاده المحقق المزبور : اتحاد الأبيض الحقيقي والبياض ـ دون الأبيض المشهوري ـ إذ من الواضح أن الابيض بالمعنى الذي تصوره المحقق لا يصدق على العاج ، فإنهما موجودان متباينان ، فلم يثبت اتحاد المشتقّ ومبدئه مطلقا ، ولا العرض والعرضي مطلقا.

نعم ، هنا وجه آخر لتتميم الأمر وتسريته إلى الأبيض المشهوري ـ أيضا ـ وهو ما أفاده بعض المحققين (١) ، وملخصه : أن نفس حقيقة البياض وغيرها من الأعراض تارة تلاحظ بما هي ، وأنها موجودة في قبال موضوعها ، فهي بهذا

__________________

تلامذة الشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا ، وكاشفا عن مشكلات علومه وموضحا لسائر غوامضه.

وله كتاب ( التحصيل ) في المنطق والطبيعي والإلهي بترتيب طريقة المشّائين كان قد ألّفه لخاله أبي منصور بهرام بن خورشيد ، وكان هو وخاله على المجوسية ثم أسلما كما هو المشهور ، واستدل على إسلامه من كتابه المذكور ، كما له كتاب ( البهجة ) فيه تقرير لطيف في عينية علم الواجب تعالى مع ذاته المقدسة ، وله كتابا ( السعادة ) و ( التعليقات ).

توفّي سنة ( ٤٥٨ ه‍ ) ، وذلك بعد موت استاذه الأول بإحدى وثلاثين سنة.

( روضات الجنات ٢ : ١٥٧ رقم ١٥٩ ) بتصرف.

(١) هو الحكيم السبزواري في تعليقاته على الأسفار ٦ / ٦٤ / الحاشية : ٣.

۴۲۶۱