الأنحاء وإن لم يكن اقتضاؤه مقصودا بالذات ؛ إذ تعلق الغرض والقصد بالذات وبالعرض لا دخل له في اقتضاء الواقعيات ، بل لا يعقل دخله فيها لتأخّر رتبته عنها.
وهذا بعينه نظير انحلال عقد الوضع إلى قضية ممكنة عند المعلم الثاني ، وإلى فعلية عند الشيخ الرئيس ، مع أن عقد الوضع غير مقصود اقتضاؤه ، ولا متعلق للغرض ، لا بالذات ولا بالعرض.
وعليه فالمحمول على الإنسان هو الإنسان الذي مادّته الإمكان ، ولا يعقل أن يكون اقتضاء الإنسان لمثل هذا المحمول بنحو الإمكان ، وإلا جاز ضرورية عدم الكتابة إن كان الإمكان عامّا ، وضرورية ثبوتها إن كان خاصا ، مع أنّ المفروض عدم ضرورية الكتابة وعدمها. فتدبّره ، فإنه دقيق ، وبه حقيق.
وليعلم : أن هذا الانقلاب لا دخل له بضرورية ثبوت الشيء لنفسه ، ولا من جهة كون القيد ضروريا ؛ إذ المفروض كون المحمول ـ في حد ذاته ـ مادته الامكان ، ولا من جهة أن جهة القضية جزء المحمول ، فانه يوجب الانقلاب ولو على البساطة.
مضافا إلى أن القابل لأخذه جزء للمحمول هي الجهة دون المادة ، فان مادة القضية هي كيفية النسبة الواقعية بين شيئين وان لم تلحظ ، بخلاف الجهة ، فإنها ما يفهم ويتصور عند النظر إلى تلك القضية سواء طابقت النسبة الواقعية ، أم لا.
ومن الواضح : أن المادة حيث إنها لم تلاحظ ، فلا وجه لتوهّم أخذها جزء للمحمول ، بل الانقلاب من جهة أخذ الموضوع في المحمول ، فيتحقق هناك نسبة ومادة بين ما اخذ في عقد الحمل ومبدأ المحمول ، وحينئذ فلا يعقل أن يكون نسبة المحمول ـ الذي مادته الامكان في حد ذاته ، بالاضافة إلى عقد الوضع ـ بالامكان.