توضيحه : أن المبدأ وهو النطق : إما أن يراد منه النطق الظاهري ، وهو كيف مسموع ، فكيف يعقل أن يكون مقوّما للجوهر النوعي؟!

وإما أن يراد منه النطق الباطني ـ أعني إدراك الكلّيات ـ وهو كيف نفساني ، أو إضافة ، أو انفعال ـ على اختلاف الأقوال ـ وعلى أي حال فهو من الأعراض ، والعرض لا يقوّم الجوهر النوعي ، ولا يحصّل الجوهر الجنسي ، وإنما يعرض الشيء بعد تقوّمه في أصله وتحصّله بفصله.

وسرّ جعل مثله في مقام التحديد هو : أنّ الذاتي لمّا لم يعلم ، بل لا يكاد يعلم (١) ـ كما عن الشيخ الرئيس في التعليقات على ما حكي عنه (٢) ـ لم يكن بدّ إلا التعريف باللوازم والخواصّ ، والناطق هو الشيء المتخصّص بالنطق ، فلم يلزم دخول العرض في الذاتي ، وهذا الجواب وإن كان صوابا ـ كيف؟ وقد صدر عن جملة من الأكابر (٣) ـ لكنه يمكن أن يجعل الناطق فصلا حقيقيا من دون محذور ؛ بأن يكون المراد منه ما له نفس ناطقة ، والنفس الناطقة ـ بما هي مبدأ لهذا الوصف ـ فصل حقيقي للانسان ، لكن الجزء ما لم يلاحظ لا بشرط لا يقبل الحمل ، فلذا يجب في تصحيح الحمل من (٤) إضافة لفظة ( ذي ) ، فيقال : ( الانسان ذو نفس ناطقة ) ، أو من اشتقاق لغوي أصلي ، أو جعلي فيقال : ( الانسان ناطق ) أي ما له

__________________

(١) أي بنحو العلم الحصولي بالكنه من طريق الحد ، وذلك لأن البسيط وما ينتهي إليه ـ كالأنواع المركبة ـ لا حدّ حقيقي لهما للزوم الخلف من التركّب الذي يقتضيه الحدّ الحقيقي المشتمل على جزءين ذاتيين. [ منه قدس سره ].

(٢) التعليقات ـ تحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوي ـ : أواخر صفحة : ٣٤.

(٣) الأسفار ٢ : ٢٥.

(٤) الأصح حذف ( من ) من هذا الموضع لاختصاص دخول ( من ) على النكرة المنفية ، كقوله تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ) آل عمران ٣ : ٦٢ ، وهذا هو مذهب المدرسة البصرية ، وهو المشهور ، وإن اجاز الكوفيون دخولها على النكرة المثبتة أيضا.

۴۲۶۱