وأما ما يقال : ـ من أنّ سلب المقيّد لا يستلزم سلب المطلق ـ فإنما يسلّم فيما إذا كان للوصف بلحاظ حال الانقضاء فردان ، فإنّ سلب أحد الفردين لا يستلزم [ سلب ](١) المطلق ؛ لإمكان وجوده في الفرد الآخر ، مع أنّ المدّعى كون الوصف في حال الانقضاء فردا في قبال حال التلبّس ، فإذا صحّ سلبه في حال الانقضاء فقد صح سلبه بقول مطلق لانحصاره فيه.

والتحقيق : عدم خلوص كلّ ذلك عن شوب الإشكال ، وذلك لأنّ زيدا ـ المسلوب عنه ـ غير قابل (٢) لتقيّده بالزمان ؛ لعدم معنى لتقيّد الثابت وتحدّده بالزمان ، فإنه مقدّر الحركات والمتحرّكات ، ولحاظه موصوفا بزوال المبدأ عنه لا يصحّح سلب الوصف عنه مطلقا لصحة توصيفه به معه ، فيقال : زيد ـ الذي زال عنه الضرب ـ ضارب بالأمس ، فمجرد لحاظ الموضوع في حال الانقضاء لا يصحح السلب مطلقا.

وأما تقييد السلب فقط فغير سديد ؛ لأن العدم غير واقع في الزمان ولو كان مضافا إلى شيء. كيف؟ وقد عرفت : أن التقيّد والتحدّد به ليس شأن كلّ

__________________

(١) إضافة يقتضيها السياق.

(٢) لا يقال : هذا بناء على عدم الحركة الجوهرية ، وإلا فتبدّله الطبيعي الجوهري متقدر بالزمان.

لأنا نقول : نعم ، إلا أن الجري لا يمكن إلا بلحاظ ذاك الأمر الثابت الذي لا بدّ منه في موضوع الحركة ؛ لما عرفت سابقا أن بقاء ما يصدق عليه المشتق لازم على كل حال ، ولذا أخرجنا اسم الزمان عن محل البحث ، فيعود المحذور إن كان الصدق بلحاظ ذلك الأمر الثابت الغير المتقدر بالزمان.

مضافا إلى أنّ زيدا بما له من التبدّل الطبيعي الجوهري لو كان موضوعا للقضيّة بنحو القيديّة والعنوانية ـ لا بنحو المعرّفية ـ لم يمكن إجراء الوصف عليه بلحاظ حال التلبّس أيضا ، فلا شهادة لعدم الصدق حينئذ ، وأما إذا اخذ بنحو الإشارة والمعرّفية إلى ذلك الأمر الثابت ، فعدم الصدق في حال الانقضاء أوّل الكلام ؛ لأن الموضوع حقيقة غير مقيّد بشيء يمنع عن الصدق. فافهم واستقم. ( منه عفي عنه ).

۴۲۶۱