بالحال والاستقبال وتقييد المضارع بالمضي.
قلت : المعقول من مفادهما هو الحدث والربط ، وكونه في زمان كذا ، وأما وجود خصوصية اخرى تناسب الخارج عن افق الزمان والواقع فيه.
وكذا خصوصية مانعة عن التقييد بـ ( غد ) في الماضي ، وب ( أمس ) في المضارع ، فلا طريق لنا إلى تصديقه (١).
فإن قلت : الخصوصية المدّعاة خصوصية السبق واللحوق الحرفيّين ، والسبق واللحوق غير منحصرين في الزماني ، بل السبق بالزمان وبالطبع
__________________
(١) قولنا : ( فلا طريق لنا إلى تصديقه .. الخ ).
ربما يقال : إن تلك الخصوصية هي خصوصية وقوع المبدأ وتحقّقه المساوق للمضي ، وخصوصية اتصاف الذات بتحقق المبدأ منها ، وهو فرع التحقق ، فيساوق الحال والاستقبال.
ويندفع : بأن الوقوع والتحقّق يمكن لحاظهما في الحال والاستقبال فلا يساوق المضيّ ، وتأخّر الإخبار عن وقوع المخبر به تأخّر طبعي يجامع مضيّ المخبر به بالعرض وحاليّته واستقباليّته.
وأما حديث اتصاف الذات : ففيه أولا : أن مفاد الهيئة الواردة على المادّة لا بد من أن يكون واردا على مفاد المادّة لا غيرها.
وثانيا ـ أنه ليس بين الذات والحدث إلا نسبة واحدة صدورا أو قياما ، وإنما تتطور أطوارا بحسب الملاحظة ، فتكون بطور منها مفاد أحد المشتقات ، وبطور آخر مفاد الآخر ، فليس اتصاف الذات بتحقّق الحدث نسبة اخرى غير نسبة تحقق الحدث ، نعم ، هذه النسبة توجب تعنون الطرفين بعنوانين مضايفين ، فيكون الحدث محقّقا ، والذات محقّقا منها ، ولا ترتب بين المضايفين مع أن هذا المتوهّم يرى تأخّر رتبة المضارع عن رتبة الماضي.
ومنه يظهر : حال دعوى اخرى من أن هيئة الماضي للإخبار عن الوقوع فيتأخّر الإخبار عن الوقوع ولو آناً ما ، وأن هيئة المضارع لمنشئيّة الذات فعلا للحدث فيساوق الحال ، وبأداة اخرى تفيد الاستقبال.
ويندفع : أما حديث الإخبار عن الوقوع فبما عرفت ، وأما حديث منشئيّة الذات فبما سبق من أنها من شئون الذات لا من شئون مفاد المادة. مضافا إلى أنّ الفعلية إن كانت بمعنى الحالية فهو عين آخر زمان الحال ، وإن كانت مساوقة للتحقّق فحالها حال الوقوع ، والتحقق لا يساوق خصوص الحال. فلا تغفل. [ منه قدس سره ].