المفهوم ، ولا من أجل التقييد في الحكم ، بل السبب حيث إنه ما يؤثّر في الملكية واقعا ، وكان نظر الشرع والعرف طريقا إليه ، فلا محالة يكون نهي الشارع ـ الناظر إلى الواقع ـ تخطئة لنظر العرف ؛ بحيث لو كشف الغطاء لوجدوا الأمر على ما يجده الشارع ، من عدم تأثير السبب في الملكية في الواقع.
قلت : إن كانت الملكية من المقولات الواقعية ـ ولو كانت انتزاعية ـ وأمكن اطلاع الشارع على خصوصية موجبة لعدم تحقق المقولة أو لتحققها ، كانت التخطئة معقولة.
وأما إن كانت من الاعتبارات ـ على ما قدمنا بيانه (١) ، وشيدنا بنيانه ـ فلا مجال للتخطئة والتصويب ؛ حيث لا واقع لاعتبار كل معتبر إلا نفسه ، فالملكية الموجودة في اعتبار العرف بأسبابها الجعلية ، موجودة عند كل أحد ، ولا واقع لتأثير السبب الجعلي إلا ترتب مسببه عليه ، والمفروض تحقق الاعتبار عند تحقق السبب الجعلي في جميع الأنظار. كما أن الملكية الشرعية التي هي نحو من الاعتبار لم تتحقق لعدم تحقق سببها ـ أيضا ـ في جميع الأنظار.
نعم اقتضاء الأسباب لاعتبار المعتبر ليس جزافا ، فانه على حد المعلول بلا علة ، بل لمصالح قائمة بما يسمّى سببا يقتضي عند حصول السبب اعتبار الشارع أو العرف للملكية لمن حصل له السبب. والعقول متفاوتة في إدراك المصالح والمفاسد الباعثة على اعتبار الملكية أو الزوجية وغيرهما ، فربما يدرك العرف مصلحة في المعاطاة ـ مثلا ـ فتدعوهم تلك المصلحة إلى اعتبار الملكية ، مع عدم اطّلاعهم ـ لقصور عقولهم ـ على مفسدة تقتضي عدم اعتبار الملكية ، وقد أدركها الشارع الناظر إلى الواقع ، فتجري التخطئة والتصويب في هذه المرحلة ، لا في مرحلة الملكية ، فإنها اعتبارية لا واقعية ، ولا في مرحلة الأسباب
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ١٥ من هذا الجزء.