فإن قلت : كما تصدق الطبيعة على الفرد بمشخصاته الحقيقية ، فلتصدق على الفرد بمشخصاته الاعتبارية.

قلت : لا ريب في أن الأجزاء الغير الأركانية داخلة في المأمور به ، وإنما لم تدخل في المسمى على هذا الوجه ، [ لأنها ](١) أجزاء طبيعة المأمور به ، ولا يعقل أن يكون جزء المأمور به من مشخصات جزء آخر ، فإنّ نسبة الأركان وغيرها إلى المأمور به ـ من حيث الجزئية ـ على حد سواء ، وليس لمقام التسمية ـ من حيث التسمية ـ اعتبار جزء الفرد ، فلا يعقل أن تكون الأجزاء الغير الاركانية جزء للطبيعة من حيث المأمور به ، وجزء للفرد من حيث المسمى.

مضافا إلى أن في صدق الطبيعة على الفرد بمشخّصاته كلاما ، فإن زيدا ـ مثلا ـ من حيث نفسه وبدنه مطابق للإنسان في الخارج ، لا من حيث كمّه وكيفه ووضعه وغيرها من لوازم وجوده ؛ بداهة أنّ انتزاع مفهوم واحد عن أشياء متخالفة ـ بما هي متخالفة ـ محال ، فكيف يعقل انتزاع مفهوم واحد ـ وهو الانسان ـ عن زيد وعمرو وبكر مع تخالفها في المشخّصات؟! فليس ذلك إلا أن مطابقة هذه المتخالفات لمفهوم الانسان بجهة وحدتها ، وهي كونها ذوات نفس وبدن لا بجهات تخالفها.

والحق : أن الماهية الشخصية بالإضافة إلى الماهية النوعية ، كالفصل بالإضافة إلى الجنس ، بمعنى أنها مجرى فيض الوجود لها ، كما أن فيض الوجود يمرّ من الفصل إلى الجنس ، فلو الغي خصوصية درجة الوجود من الماهية الشخصية ـ ولوحظ الوجود الساري منها إلى الطبيعة النوعية الكلية ـ كانتا متحدتين في هذا الوجود الساري ، فيصح الحمل بهذه الملاحظة ، لا أن المحمول عليه في ( زيد إنسان ) خصوص النفس والبدن ؛ حتى يؤول إلى الحمل الأوّلي ، وهذا معنى صدق الطبيعي على فرده ، لا من حيث لوازمه ، فتدبره ، فإنه حقيق به.

__________________

(١) في الأصل : فهي ، والصحيح ما أثبتناه.

۴۲۶۱