سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام : «أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك إلى أن قال : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله» إلخ (١).

فإنّ أمر الهلال من الحوادث الواقعة فيرجع فيه إلى رواة الحديث ، وهم حكّام الشرع ويكون قولهم حجّة متّبعة وحكمهم نافذاً في الأُمّة.

وفيه : أنّها قاصرة سنداً ودلالةً.

أمّا السند : فلجهالة ابن عصام ، وكذا إسحاق بن يعقوب.

وأمّا الدلالة : فلإجمال المراد من الحوادث الواقعة ، فإنّ المحتمل فيه أُمور :

أحدها : الأُمور التي تتّفق خارجاً ولم يعلم حكمها ، كما لو مت زيد وله ثياب أو مصاحف عديدة ولم يعلم أنّ الحبوة هل تختصّ بواحد منها أو تشمل الكلّ ، ونحو ذلك من موارد الشبهات الحكميّة التي تتضمّنها الحوادث الواقعة ، وقد أمر عليه‌السلام بالرجوع فيها الظاهر في السؤال عن حكمها إلى رواة الحديث ، فتكون حينئذٍ من أدلّة حجّيّة الخبر لو كان المراد هو الراوي ، أو من أدلّة حجّيّة الفتوى لو كان المراد بالرواة هم العلماء. وعلى التقديرين تكون أجنبيّة عن محلّ الكلام.

وممّا يؤيّد إرادة أحد الأمرين : الإرجاع إلى الرواة بصيغة العموم لا إلى شخص معيّن ، فإنّ هذا هو حكم الجاهل بالمسألة الذي لا يعرف حكمها فيرجع إلى العالم إمّا لأنّه راوٍ أو لأنّه مجتهد ، ومن الظاهر أنّ في زمانهم عليهم‌السلام وما بعده بقليل كان المرجع لدى تعذّر الوصول إلى الإمام هم رواة الحديث ،

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١٤٠ / أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٩ ، إكمال الدين : ٤٨٤ / ٤.

۵۱۹