وبين وجود العلّة في السماء وعدمها (١).
فما ذهب إليه المشهور من حجّيّة البيّنة على الهلال من غير فرق بين ما إذا كانت في السماء علّة أم لا هو الصحيح.
(١) حسبما عرفت آنفاً.
نعم ، يستثني من ذلك صورة واحدة جرياً على طبق القاعدة من غير حاجة إلى ورود الرواية ، وهي ما لو فرضنا كثرة المستهلّين جدّاً ، وليست في السماء أيّة علّة ، وادّعى من بين هؤلاء الجمّ الغفير شاهدان عادلان رؤية الهلال وكلّما دقّق الباقون وأمعنوا النظر لم يروا ، فمثل هذه الشهادة والحالة هذه ربّما يطمأنّ أو يجزم بخطئها ، إذ لو كان الهلال موجوداً والمفروض أنّ هذين لا مزيّة لهما على الباقين فلما ذا اختصّت الرؤية بهما؟! فلا جرم تكون شهادتهما في معرض الخطأ ، ولا سيّما وأنّ الهلال من الأُمور التي يكثر فيها الخطأ ، ويخيّل للناظر لدى تدقيق النظر ما لا واقع له ، وقد شوهد خارجاً كثيراً إنّ ثقةً بل عدلاً يدّعي الرؤية ويحاول إراءة الناس من جانب ومن باب الاتّفاق يرى الهلال في نفس الوقت من جانب آخر.
وعلى الجملة : فنفس دليل الحجّيّة قاصر الشمول من أوّل الأمر لمثل هذه الشهادة ، لاختصاصها بما إذا لم يعلم أو لم يطمأنّ بخطإ الحجّة ، والسيرة العقلائيّة أيضاً غير شاملة لمثل ذلك البتّة.
فهذه الصورة خارجة عن محلّ الكلام وأجنبيّة عمّا نحن فيه من غير حاجة إلى ورود نصّ خاصّ حسبما عرفت.