معاً من غير فرق بين اليومين الأولين والأخير.

والوجه فيه : أنّ استفادة كلا الحكمين وإن لم يمكن من نهي واحد نحو قوله عليه‌السلام : «المعتكف لا يأتي أهله» ، إذ هو في أحدهما إرشادي ، وفي الآخر مولوي ، والإرشاد يرجع في الحقيقة إلى الإخبار وإن كان بصورة الإنشاء ، فمرجع قولنا : المصلّى لا يتكلّم أو يستقبل ، إلى أنّ التكلّم مانع أو القِبلة شرط. ولا يمكن الجمع بين الإخبار والإنشاء في كلام واحد ، فلا يدلّ على التكليف والوضع معاً ، بل لا بدّ من الحمل على أحدهما.

إلّا أنّه يستفاد ذلك ممّا دلّ على أنّ المجامع أهله معتكفاً بمنزلة من أفطر في شهر رمضان ، فإنّ عموم التنزيل يقتضي ثبوت كلا الحكمين ، فكما أنّ الإفطار في شهر رمضان محرّم ومبطل ، بل وموجب للكفّارة ، فكذا في الاعتكاف ، فإنّ التنزيل لا يختصّ بالكفّارة وإن ذكرت في الرواية ، بل مفاده عموم الأحكام.

والظاهر أنّه لم يقع فيه أيّ خلاف من أحد ، وأنّ الجماع حرام ومبطل من غير فرق بين اليومين الأولين أو الأخير في الليل أو في النهار ، داخل المسجد أو خارجه.

وأمّا غير الجماع من اللمس والتقبيل بشهوة فقد تقدّم عدم حرمته فضلاً عن كونه مبطلاً (١) ، وعرفت أنّ الآية المباركة ظاهرة في المباشرة بمعنى الجماع ، وكذا الروايات.

وأمّا غير ذلك من سائر الأُمور من البيع والشراء وشمّ الطيب والجدال ونحوها فالحكم فيه يبتني على ما ذكرناه في الأُصول (٢) وتقدّم في مطاوي هذا

__________________

(١) في ص ٤٧٨ ٤٧٩.

(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٨٦ وما يليها.

۵۱۹