وأمّا في الثاني : فلا ريب في البطلان أيضاً ، لما ذكر ، بل العصيان ووجوب كفّارة الحنث إن كان متعمّداً ، وإلّا فلا شي‌ء عليه ، ولا فرق في ذلك بين ترك المنذور رأساً وبين الإخلال بقيد المتابعة.

والمعروف والمشهور وجوب القضاء مع الترك بالمرّة ، وسيجي‌ء البحث حول ذلك عند تعرّض الماتن إن شاء الله (١) ، ولا كلام من هذه الناحية.

وإنّما الإشكال بعد الفراغ عن أصل القضاء في جهتين :

إحداهما : إذا فاته الاعتكاف المنذور ولو بالإخلال بجميعه وعدم الإتيان بشي‌ء منه حتّى يوماً واحداً إمّا لعذر أو لغير عذر ، فهل يعتبر التتابع في القضاء كما كان معتبراً في المقضي؟

وقد تقدّم نظير هذا البحث في قضاء الصوم المنذور المشروط فيه التتابع ، وذكرنا ثمّة أنّه لم يساعد الدليل وهو صحيحة علي بن مهزيار إلّا على أصل القضاء دون كيفيّته ، وأقمنا شواهد على عدم لزوم مطابقة القضاء مع الأداء في الخصوصيّات ، فلو فاته الصيام من أيّام القيظ الشديدة الحرّ الطويلة النهار جاز القضاء من أيّام الشتاء القصيرة ، أو لو فات الصوم المنذور إيقاعه في بلد جاز القضاء في بلد آخر ، فلا تلزم مراعاة جميع الخصوصيّات ومنها التتابع.

وكيفما كان ، فذاك البحث جارٍ في المقام أيضاً ، وقد احتاط الماتن بالتتابع.

والظاهر أنّ الحكم في هذه المسألة مبني على ما يستند إليه في أصل القضاء :

فإن كان المستند فيه الدليل اللّفظي كالنبوي : «اقض ما فات كما فات» (٢) ـ

__________________

(١) في ص ٤٢١.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٦٨ / أبواب قضاء الصلاة ب ٦ ح ١ ، بتفاوت يسير.

۵۱۹