حدّ نفسه.

وكذا الحال في العبادات الواقعة مورداً للإجارة كالحجّ الاستئجاري أو الحلف ، أو العهد ، أو الشرط في ضمن العقد ، أو أمر الوالد أو السيد ونحو ذلك من العناوين الثانويّة ، فإنّ الأمر الجائي من قبلها بأجمعها توصليّ ، وملاك العباديّة إنّما هو الأمر الثابت للمتعلّقات بعناوينها الأولويّة. فلو فُرض في موردٍ فساد الإجارة ، أو بطلان الشرط ، أو عدم انعقاد الحلف ونحو ذلك ، وقد أتى بالعبادة خارجاً ، فهي محكومة بالصحّة لا محالة وإن لم يكن مصداقاً للعنوان الثانوي ، لما عرفت من أنّ مناط العباديّة شي‌ء ، ومورد البطلان شي‌ء آخر ، ولا يسري الفساد إلى ذاك المناط أبداً.

والأمر بالكفّارة فيما نحن فيه من هذا القبيل ، ضرورة أنّ الأمر بالتكفير توصليّ لا تعبّدي ، فلا يعتبر في سقوطه قصد التقرّب ، وإنّما العباديّة معتبرة في نفس المتعلّق من الصوم والعتق لقوله عليه‌السلام : «لا عتق إلّا ما قُصد به الله» (١) دون الإطعام ، فلو أطعم بعنوان الكفّارة كفى وإن لم يقصد به القربة. وهذا أقوى شاهد على أنّ الأمر الناشئ من قبل الكفّارة توصليّ في حدّ نفسه ، وإلّا لما اختلفت الخصال الثلاث فيما ذكر كما لا يخفى.

وعليه ، فصوم الشهرين الواقع متعلّقاً للأمر بالكفّارة عبادي ، لكن لا من ناحية هذا الأمر الوجوبي الثابت بالعنوان الثانوي ، بل من أجل الأمر الاستحبابي المتعلّق بنفس الصوم بعنوانه الأوّلي ، فإنّ الصوم في كلّ يوم ما عدا الأيّام المحرّمة له أمر استحبابي مستقلّ ، وإنّما نشأ هذا الجمع والارتباط أعني : عنوان الشهرين وكذا التتابع من ناحية الأمر بالتكفير الذي هو توصليّ كما عرفت.

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٣ : ١٤ / كتاب العتق ب ٤ ح ١ ، ٢.

۵۱۹