والظاهر أنّ المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حدّ الترخّص (١) ، وكذا في الرجوع المناط دخول البلد ، لكن لا يُترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حدّ الترخّص بعده ، وكذا في العود إذا كان الوصول إلى حدّ الترخّص قبل الزوال والدخول في المنزل بعده.


وأمّا الداخل بعد الزوال فحاله من حيث عدم وجوب الصوم عليه معلوم ، سواء أكل أم لا.

وكيفما كان ، فلم نعثر على ما يدلّ على الاستحباب في الثاني. نعم ، دلّت رواية سماعة المتقدّمة (١) التي عرفت أنّها ضعيفة السند بعلي بن السندي على عدم التجاهر بالأكل ظاهراً ، احتراماً لشهر رمضان ، ولكن هذا أمر آخر غير استحباب الإمساك حتّى في بيته ، الذي هو محلّ الكلام كما لا يخفى.

(١) تقدّم في بحث صلاة المسافر أنّ مبدأ المسافة الشرعيّة الامتداديّة أو التلفيقيّة المحكوم فيها بوجوب التقصير هو أوّل زمان يتّصف فيه المسافر بهذا الوصف العنواني أعني : كونه مسافراً وهو زمان الخروج من البلد والشروع في الابتعاد عنه. فلا جرم كان البلد هو مبدأ احتساب المسافة المزبورة حسبما هو مقتضى ظواهر الأدلّة ، ولا تنافي بين ذلك وبين أن لا يكون هذا المسافر محكوماً بالقصر إلّا بعد بلوغه حدّ الترخّص ، فإنّ ذلك من التخصيص في الحكم لا التحديد في الموضوع ، فهو قبل بلوغ الحدّ مسافرٌ لا يجب عليه القصر لا أنّه ليس بمسافر كما لا يجوز له الإفطار أيضاً ، للملازمة بين الأمرين حسبما مرّ.

__________________

(١) في ص ١٦.

۵۱۹