وكذا لا يجب على المجنون ما فات منه أيّام جنونه (١) ، من غير فرق بين ما كان من الله أو من فعله على وجه الحرمة أو على وجه الجواز (٢).


(١) الدليل عليه هو الدليل المتقدّم تقريره في الصبي ، حيث عرفت أنّ المستفاد من الآية المباركة أنّ المفروض في حقّه الصوم أداءً أو قضاءً هو الذي كُتب عليه الصيام ، فغير المكتوب عليه لصغرٍ أو جنونٍ خارجٌ عن الحكمين.

نعم ، ثبت بدليل خاصّ وجوب القضاء في طائفة من غير المكلّفين كالنائم والغافل والناسي ونحوهم ، الكاشف عن فوات الملاك عنهم وكفايته في وجوب القضاء عليهم وإن لم يتعلّق الأمر بهم ، وأمّا من لم يكن مكلّفاً ولم يثبت القضاء في حقّه بدليل خارجي كالمجنون فلا مقتضي لوجوب القضاء عليه ، سيّما بعد ملاحظة أنّ العقل كالبلوغ ممّا له دخل في ملاك التكليف على ما يفصح عنه قوله عليه‌السلام : «أول ما خلق الله العقل قال له : أقبِل فأقبَل ، ثمّ قال له : أدبِر فأدبَر ، فقال : بك أُثيب وبك أُعاقب» (١) وغير ذلك ممّا دلّ على اشتراطه به وارتفاع القلم عن فاقده.

وبعبارة اخرى : القضاء إمّا بالأمر الأوّل أو بأمر جديد ، فإن كان الأوّل فلم يتعلّق أمر بالمجنون حال جنونه ليجب قضاؤه ، وإن كان الثاني فبما أنّ موضوعه الفوت ولم يفت عنه شي‌ء لا خطاباً ولا ملاكاً بعد كون العقل شرطاً في التكليف ودخيلاً في المقتضي ولم يقم عليه دليل من الخارج ، إذن لا مقتضي للقضاء بتاتاً ، سواء أقلنا بوجوبه على المغمى عليه أم لا ، فلا يناط الحكم به ولا يكون مترتّباً عليه.

(٢) لوحدة المناط في الكلّ بعد إطلاق الدليل ، وعدم وجوب حفظ شرط

__________________

(١) انظر الكافي ١ : ١٠ / ١.

۵۱۹