ومنها : صحيحة إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هلال رمضان يغمّ علينا في تسع وعشرين من شعبان «فقال : لا تصمه إلّا أن تراه ، فإن شهد أهل بلد آخر أنّهم رأوه فاقضه» (١).

وهي في الدلالة كسابقتها.

وأوضح من الجميع صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه سُئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان «فقال : لا تقضه إلّا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر. وقال : لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلّا أن يقضي أهل الأمصار ، فإن فعلوا فصمه» (٢).

فإنّ في قوله عليه‌السلام : «جميع أهل الصلاة» دلالة واضحة على عدم اختصاص رأس الشهر القمري ببلد دون بلد ، وإنّما هو حكم وحداني عامّ لجميع المسلمين على اختلاف بلادهم من حيث اختلاف الآفاق واتّحادها ، فمتى قامت البيّنة على الرؤية من أيّ قطر من أقطار هذا المجموع المركّب وهم كافّة أهل الصلاة كفى.

كما أنّ قوله عليه‌السلام في الذيل : «يقضي أهل الأمصار» مؤكّد لهذا المعنى ، وأنّه لا يختلف مصر عن مصر في هذا الحكم ، بل هو عامّ لجميع الأقطار والأمصار ، وشامل لجميع بقاع الأرض بمختلف آفاقها.

إذن فمقتضى هذه الروايات الموافقة للاعتبار عدم كون المدار على اتّحاد الأُفق ، ولا نرى أيّ مقتضٍ لحملها على ذلك ، إذ لم يُذكَر أيّ وجه لهذا التقييد ، عدا قياس أمر الهلال بأوقات الصلوات ، الذي عرفت ضعفه وأنّه مع الفارق الواضح بما لا مزيد عليه.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٢٧٨ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٨ ح ٣.

(٢) الوسائل ١٠ : ٢٩٢ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٢ ح ١.

۵۱۹