قال : ولا يشترط في الحسن اختيارُ المتألِّم بالفعل.

أقول : لا يشترط في حسن الألم المفعول ابتداء من الله تعالى اختيار المتألم للعوض الزائد عليه بالفعل ، لأن اعتبار الاختيار (١) إنّما يكون في النفع الذي يتفاوت فيه اختيار المتألمين فأمّا النفع البالغ إلى حدّ لا يجوز اختلاف الاختيار فيه فإنّه يحسن وإن لم يحصل الاختيار بالفعل وهذا هو العوض المستحق عليه تعالى.

المسألة الرابعة عشرة : في الأعواض

قال : والعوضُ نفع مستحق خالٍ عن تعظيم وإجلال.

أقول : لما ذكر حسن الألم المبتدأ مع تعقبه بالعوض الزائد وجب عليه البحث عن العوض وأحكامه ، وبدأ بتحديده ، فالنفع جنس للمتفضل به وللمستحق ، وقيد المستحق فصل يميزه عن النفع المتفضل به ، وقيد الخلوّ عن التعظيم والإجلال يخرج به الثواب.

قال : ويستحق عليه تعالى بإنزالِ الآلام وتفويت المنافع لمصلحة الغير وإنزال الغموم ، سواءٌ استندت إلى علم ضروري أو مكتسبٍ أو ظن ، لا ما تستند إلى فعل العبد وأمرِ عباده بالمضار أو إباحتِه وتمكين غير العاقل.

__________________

(١) يريد أنّ الاختيار إنّما يعتبر إذا كان للنفع درجات وتعلّقت إرادة المعطي بالدرجة النازلة ، والمتألم بالدرجة العالية ، وأمّا إذا تعلقت إرادته من بدء الأمر بالدرجة العليا التي ليست وراءها درجة فلا معنى لاشتراط الاختيار.

۳۰۸۱