المسألة السابعة عشرة : في أنّه تعالى غنيّ

قال : والحاجةِ.

أقول : وجوب الوجود ينافي الحاجة ، وهو معطوف على الزائد ، وهذا الحكم ظاهر فإن وجوب الوجود يستدعي الاستغناء عن الغير في كل شيء فهو ينافي الحاجة ، ولأنّه لو افتقر إلى غيره لزم الدور لأن ذلك الغير محتاج إليه لإمكانه.

لا يقال : الدور غير لازم (١) لأن الواجب مستغن في ذاته وبعض صفاته عن ذلك الغير وبهذا الوجه يؤثر في ذلك الغير فإذا احتاج في جهة أُخرى إلى ذلك الغير انتفى الدور.

لأنا نقول : هذا بناء على أنّ صفاته تعالى زائدة على الذات وهو باطل

__________________

(١) يريد أنّ الدور إنّما يلزم إذا توقف وجود الواجب على ذلك الغير ، مع أنّه ليس كذلك بل هو مستغن في ذاته عن كل شيء ، وإنّما يحتاج إليه في بعض صفاته (لا في ذاته ولا في كل صفاته) ، فعندئذ يرتفع الدور ، لأنّ الغير في وجوده محتاج إلى ذات الواجب ، ولكن الواجب لا في ذاته ولا في كلّ صفاته بل من جهة أُخرى (بعض الصفات) محتاج إلى الغير ، فارتفع الدور لتغاير الموقوف عليه ، وللتقريب نقول : إنّ الممكنات في وجودها يتوقف على ذات الواجب ، وهو في وصفه الإضافي (الخالقية) متوقف على وجودها.

ثمّ أجاب الشارح عن الدور بوجهين لأجل الاختلاف في عينية الصفات وزيادتها :

إن قلنا بالعينية يلزم الدور الصريح ، لأنّ الصفة التي أعطاها ذلك الغير عين ذاته ، فيتوقف ذات الواجب على الغير ، مع أنّه متوقف على ذاته ، وإلى هذا الجواب أشار بقوله : «هذا (أي ما ذكر من دفع الدور) بناء على أنّ صفاته تعالى زائدة على الذات وهو باطل لما سيأتي» ، يعني بما انّ صفاته عين ذاته يلزم الدور الصريح.

وإن قلنا بالثاني يأتي الدور أيضاً لكن ببيان آخر ، وهو أنّ الصفة التي يحتاج الواجب فيها إلى الممكن ، تتوقف على تأثير الممكن ، وتأثيره يتوقف على جهة التأثير (ملاك ـ

۳۰۸۱