البعثة عبثاً ويجب عليهم النظر في معجزته فيحصل لهم مصلحة لا تحصل بدون البعثة.

واحتج أبو علي بأنّه يجوز بعثة نبيّ بعد نبيّ بشريعة واحدة وكذا تجوز بعثة نبي بمقتضى ما في العقول.

المسألة السابعة : في نبوة نبينا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قال : وظهورُ معجزة القرآن وغيره مع اقتران دعوة نبينا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدُلُّ على نبوته.

والتحدي مع الامتناع وتوفُّرِ الدواعي يدُلُّ على الإعجاز.

والمنقولُ معناه متواتراً من المعجزات يَعضُدُه.

أقول : لما فرغ من البحث في النبوة مطلقاً شرع في إثبات نبوة نبينا محمد عليه‌السلام.

والدليل عليه : أنّه ظهرت المعجزة على يده وادّعى النبوة فيكون صادقاً أمّا ظهور المعجزة على يده فلوجهين :

الأوّل : أنّ القرآن معجز وقد ظهر على يده ، أمّا أعجاز القرآن (١) فلأنّه

__________________

(١) القرآن معجز من جهات شتى ، والذي كان يهمّ العرب يومَ ذاك إعجازه البياني ، دون سائر الجهات ككونه مخبراً عن المغيّبات أو مشتملاً على معارف عقلية ، أو سنن أخلاقية ، وقوانين اجتماعية وأُصول اقتصادية أو قصص منزهة عمّا لا يليق بشأن الأنبياء وغير ذلك.

ومن المؤسف جداً أنّ الكتب الكلامية استدلوا على إعجازه البياني ، من دون أن يحققوه حتى يكون ملموساً للقراء ، وحاصل استدلالهم يرجع إلى خضوع العرب لفصاحته وبلاغته وعجزهم عن المقابلة ، وهذا يورث العلم بكونه معجزاً من دون أن يلمسه الإنسان خصوصاً إذا كان غير العرب ، وقد فتحنا هذا الباب في الإلهيات: ٣ / ٢٥٩ ـ ٣٢٤ بوجه موجز ، فعلى الآخرين سلوك هذا الطريق بشكل أوسع.

۳۰۸۱