المسألة الثالثة : في أنّه تعالى حي

قال : وكلّ قادرٍ عالمٍ حيٌّ بالضرورة (١).

أقول : اتفق الناس على أنّه تعالى حي واختلفوا في تفسيره :

فقال قوم : إنّه عبارة عن كونه تعالى لا يستحيل أن يقدر ويعلم.

وقال آخرون : إنّه من كان على صفة لأجله عليها يجب أن يعلم ويقدر.

والتحقيق أنّ صفاته تعالى إن قلنا بزيادتها على ذاته فالحياة صفة ثبوتية زائدة على الذات وإلّا فالمرجع بها إلى صفة سلبية وهو الحق ، وقد بيّنا أنّه تعالى قادر عالم فيكون بالضرورة حيّاً لأن ثبوت الصفة فرع عدم استحالتها.

__________________

وقول الشارح : «إن أردتم بوجوب علمه تعالى أنّه واجب الصدور عن العلم ...» معناه : إن أردتم أنّ علمه علّة تامة لصدور هذه الجزئيات الزمانية فهو باطل وإلّا لزم أن تكون ذاته علّة لذاته والمعدومات ، لكون المفروض أنّه يعلمهما. وإن أردتم وجوب كون الخارج مطابقاً فهو صحيح لكنّه لا ينافي الإمكان ، لأنّ هذا الوجوب وجوب متأخر لا سابق.

يلاحظ على الشق الأوّل في الجواب أنّه ليس المراد من كون العلم علّة تامة ، كونه علّة تامة مطلقاً لكل معلوم حتى يعم ذاته والمعدومات ، بل علمه علّة تامة في كل فعل يعدّ فعلاً له سبحانه ومتعلقاً للداعي (حسب مصطلح المتكلمين) أو وقع في إطار إرادته ، فعندئذ لا يصح النقض بالعلم بالذات والمعدومات.

(١) يريد أنّ بعض الصفات في مقام الإثبات يتولد من صفات أُخر ، فإنّ الحي عبارة عن الدرّاك الفعال ، والمدرك هو العالم ، والفعال هو القادر ، فإذا ثبت كونه عالماً قادراً ، فقد ثبت كونه حيّاً بلا حاجة إلى برهان خاص.

۳۰۸۱