دلّ عليه ، وإجماع المسلمين على ذلك.

إذا عرفت هذا فنقول : السمع والبصر في حقنا إنّما يكون بآلات جسمانية ، وكذا غيرهما من الإدراكات ، وهذا الشرط ممتنع في حقه تعالى بالعقل ، فإمّا أن يرجع بالسمع والبصر إلى ما ذهب إليه أبو الحسين ، وإمّا إلى صفة زائدة غير مفتقرة إلى الآلات في حقه تعالى.

المسألة السادسة : في أنّه تعالى متكلم

قال : وعمومية قدرته تدل على ثبوت الكلام والنفساني غير معقول.

أقول : ذهب المسلمون كافة إلى أنّه تعالى متكلم واختلفوا في معناه :

فعند المعتزلة أنّه تعالى أوجد حروفاً وأصواتاً (١) في أجسام جمادية دالة على المراد.

__________________

(١) الأقوال في كونه سبحانه متكلماً ثلاثة :

الأوّل : للمعتزلة وأنّ المتكلم من أوجد الكلام لا من قام به الكلام.

الثاني : للأشاعرة وأنّه من قام به الكلام وفسروه بالكلام النفسي ، الذي هو من اللغز والأحاجي ، حيث يدّعون أنّه غير العلم في الأخبار ، وغير الإرادة في الإنشائيات ، وبما أنّ الإنشائيات أعم من الأمر ويعمّ النهي والترجّي والتمنّي والاستفهام ، يلزم عليهم إثبات كلام نفسي في هذه الموارد غير الكراهة والترجي والتمني والاستفهام ، وهو كما ترى.

الثالث : للحكماء وحاصله : أنّ العالم بجواهره وأعراضه كلامه سبحانه ، لأنّه يعرب عن كماله وجماله وعلمه وقدرته ، وإنّما يسمّى الكلام اللفظي كلاماً لأنّه يعرب عمّا في ضمير المتكلم ، وأي إظهار أجلى وأوضح من الموجودات الإمكانية مجرّدها وماديها ، التي تعرب عن الكمال المكنون. وهذا هو رأي الحكماء ، ويمكن استظهاره من بعض الآيات ، وبه روايات ، لاحظ الإلهيات : ١ / ١٩٤.

۳۰۸۱