المسألة الثالثة عشرة : في الألم ووجه حسنه (١)

قال : وبعضُ الألمِ قبيحٌ يصدر منّا خاصةً ، وبعضه حسنٌ يصدر منه تعالى ومنّا ، وحُسْنُه إمّا لاستحقاقه أو لاشتماله على النفع (٢) أو دفع الضرر الزائدَيْن ، أو لكونه عاديّاً أو على وجه الدفع.

__________________

(١) للبحث عن الآلام ملاكات مختلفة : تارة يبحث عنها في التوحيد الأفعالي في مقابل الثنوية ، حيث ذهبت إلى أنّ خالق الخير غير خالق الشر ، فاعتقدوا بوجود مبدأين ، وبما أنّ مقتضى التوحيد الأفعالي أنّه لا خالق إلّا هو يُبحث عن الشرور لغاية تصحيح صدور الشرور عنه سبحانه ، وأُخرى في مقابل الأشاعرة ، حيث أنكروا الحسنَ والقبح العقليين وقالوا : كل ما يصدر عنه سبحانه فهو حسن ولا يصح تحديد فعله بالحسن العقلي إذ أيّ حسنٍ عند العقل للآلام والنوازل الواردة على العباد ، فقامت العدلية بالدفاع عن الإشكال بتقسيم الآلام إلى ما يمتنع صدورها منه سبحانه وإلى ما يجوز صدورها منه ومنّا لما فيها من فوائد وأغراض وليست بقبيحة.

ولما كان المجوز لبعض الآلام ـ مضافاً إلى اللطف ـ هو الأعواض التي ينالها الإنسان في الآخرة في مقابل الحرمان ، أردف المصنّف البحثَ عنها بالبحث عن الأعواض التي لها دور عظيم في حلِّ بعض المشاكل. وهذه البحوث من خصائص المتكلّمين دون الفلاسفة والحكماء ، ولأجل ذلك لا ترى أثراً منها في كتبهم.

وقد سلك المحقق الطوسي في هذا الكتاب مسلك المتكلّمين ، تاركاً مسلك الحكماء كما لا يخفى. وبذلك أصبح كتاب التجريد كتاباً كلامياً ، لا فلسفياً ، وإن كان بعض بحوثه مشتركاً بين العلمين.

(٢) إنّ للألم الحسن عند العدلية أقساماً خمسة :

١ ـ ما يحسن لأجل استحقاق المولَم ، كالإيلام في الحدّ وغيره.

٢ ـ ما اشتمل على نفع زائد على الألم الوارد ، كالألم الوارد في الجهاد.

٣ ـ دفع الضرر الزائد على الألم ، كقطع العضو الفاسد الذي يهدد صحّة الإنسان كلّها.

۳۰۸۱