الفصل الثاني :
في صفاته تعالى
وفيه مسائل :
المسألة الأُولى : في أنّه تعالى قادر (١)
قال : الثاني في صفاته. وجودُ العالم بعد عدمه يَنفي الإيجابَ.
أقول : لما فرغ من البحث عن الدلالة على وجود الصانع تعالى شرع في الاستدلال على صفاته تعالى ، وابتدأ بالقدرة.
__________________
(١) المقصود من القدرة هنا هو كونه فاعلاً مختاراً ، لا فاعلاً موجباً كالنار بالنسبة إلى الحرارة ، والذي يُركَّز عليه هنا في تفسير القدرة هو كونه فاعلاً بالاختيار. وأمّا الاستدلال على القدرة بإتقان فعله سبحانه فهو يهدف إلى كونه فاعلاً عن علمٍ وحكمة ، فلا يشتبه الغرضان في البحث.
والمقام أحد المواقف التي يفترق فيها التفكير الكلامي عن التفكير الفلسفي وإن لم يصرّح به الماتن والشارح ، والإشكالات التي يذبّ عنها الماتن ، للحكماء كما سيوافيك ، وإليك بيان التفكيرين في المقام :
عرّف المتكلّمون القدرة بصحّة الفعل والترك (١) ، وإن شئت قلت : إمكان الفعل والترك وكون نسبتها إليه على السواء.
وأورد عليه : بأنّ هذا التعريف يصلح لتفسير القدرة في الوجود الإمكاني كالإنسان ، ولا يصح تفسير قدرته سبحانه به ، لأنّ هذا الإمكان ليس قائماً بذات الشيء (المقدور)
__________________
(١) الحكيم السبزواري : شرح المنظومة : ١٧٢.