المسألة التاسعة : في أنّه تعالى مخالف لغيره من الماهيات

قال : والمثلِ (١).

أقول : هذا عطف على الزائد أيضاً ، أي ووجوب الوجود يدل على نفي الزائد ونفي الشريك ونفي المثل ، وهذا مذهب أكثر العقلاء ، وخالف فيه أبو هاشم فإنّه جعل ذاته مساوية لغيرها من الذوات وإنّما تخالفها بحالة توجب أحوالاً أربعة ، وهي الحيية والعالمية والقادرية والموجودية ، وتلك الحالة هي صفة إلهية ، وهذا المذهب لا شك في بطلانه فإنّ الأشياء المتساوية تتشارك في لوازمها فلو كانت الذوات متساوية جاز انقلاب القديم محدثاً وبالعكس وذلك باطل بالضرورة.

__________________

(١) قد عرفت أنّ المثل يطلق فيما إذا كان بين الأمرين وحدة في الماهية واختلاف في الأصناف والخصوصيات ، كفردين من إنسان ، والله سبحانه تباين ماهيتُه ماهيةَ الممكنات فلا يتصور له مثل ، والدليل على التباين أنّ مقتضى وجوب وجوده كون ماهيته عين الوجود ، وإلّا فلو كانت له وراء الوجود ماهية خالية عن الوجود ، لزم إمكان وجوده وهو خلف ، بخلاف الممكنات فإنّ ماهيتها وراء الوجود ، إذ لو كان الوجود عينَ ماهيته أو جزءاً منها لما اتصف بالإمكان ومساواة نسبة الوجود والعدم إليه. هذا هو الذي سلكه أكثر العقلاء.

وهناك بعض من يتصور لله سبحانه ماهية كمفاهيم الممكنات ، غير أنّه يتميز عنها بأحد أمرين :

١ ـ الصفات الحقيقية الزائدة كالعلم والقدرة التامتين. وعليه فريق من المتكلمين.

٢ ـ الأحوال الأربعة ، وهي الحيية والعالمية والقادرية والموجودية ، وبطلان النظريتين واضح ، لأنّ لازم تساوي ذاته مع ذات الممكنات أن يوصف كلٌّ بصفات الآخر ، فيتصف الواجب بصفات الممكن ، والممكن بصفات الواجب لأنّ حكم الامثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد ، ولازمه انقلاب القديم محدثاً وبالعكس ، وإلى ما ذكرنا أشار الشارح بقوله : «فإنّ الأشياء المتساوية تتشارك في لوازمها ...».

۳۰۸۱