المسألة الثانية عشرة : في أنّه تعالى ليس بمتحيز

قال : والتحيّزِ (١).

أقول : هذا عطف على الزائد أيضاً ، فإنّ وجوب الوجود يقتضي نفي التحيّز عنه تعالى ، وهذا حكم متفق عليه بين أكثر العقلاء ، وخالف فيه المجسِّمة.

والدليل على ذلك أنّه لو كان متحيزاً لم ينفك عن الأكوان الحادثة ، وكل ما لا ينفك عن الحادث فهو حادث ـ وقد سبق تقرير ذلك ـ وكلّ حادث ممكن فلا يكون واجباً ، هذا خلف ، ويلزم من نفي التحيز نفي الجسمية.

__________________

(١) إنّ نفي التحيز المذكور في هذه المسألة ونفي الجهة المذكورة في المسألة الخامسة عشرة ، مسألتان متقاربتان وسيوافيك الفرق بينهما ، واستدل الشارح على نفي الجسمية بقوله : لو كان متحيزاً لكان جسماً ، وكل جسم حادث لعدم انفكاكه عن الحركة والسكون والاتصال والانقطاع (الأكوان الحادثة) وكل منها حادث كما جرى عليه الماتن في مسألة «أنّ الأجسام حادثة» فراجع المسألة السادسة من الفصل الثالث من المقصد الثاني (١). وأمّا كون الحركة والسكون حادثين فلأنّ الحركة هي حصول الجسم في الحيّز بعد أن كان في حيّز آخر والسكون هو الحصول في الحيّز بعد أن كان في ذلك الحيز ، وماهية كل واحد منهما يستدعي المسبوقية بالغير ، والأزلي غير مسبوق بالغير فماهية كل واحد ليست قديمة ونظيرها الاتصال والانقطاع. وإذا كان اللازم حادثاً فالملزوم مثله.

أضف إلى ما ذكرنا أنّ المتحيز محتاج إلى الحيّز ، وهو لا يجتمع مع الغنى الذاتيّ.

__________________

(١) كشف المراد : ١٧٠ ـ ١٧١.

۳۰۸۱