ذلك.
والدليل على ما اختاره المعتزلة : أنّ له داعياً إلى فعل الحسن وليس له صارف عنه ، وله صارفاً عن فعل القبيح وليس له داع إليه ، وهو قادر على كل مقدور ومع وجود القدرة والداعي يجب الفعل.
وإنّما قلنا ذلك لأنّه تعالى غني يستحيل عليه الحاجة وهو عالم بحسن الحسن وقبح القبيح ، ومن المعلوم بالضرورة أنّ العالم بالقبيح الغني عنه لا يصدر عنه وأنّ العالم بالحسن القادر عليه إذا خلا من جهات المفسدة فإنّه يوجده.
وتحريره : أنّ الفعل بالنظر إلى ذاته ممكن ، وواجب بالنظر إلى علته ، وكل ممكن مفتقر إلى قادر ، فإنّ علته إنّما تتم بواسطة القدرة والداعي ، فإذا وجدا فقد تمّ السبب وعند تمام السبب يجب وجود الفعل.
وأيضاً لو جاز منه فعل القبيح أو الإخلال بالواجب لارتفع الوثوق بوعده ووعيده ، لإمكان تطرق الكذب عليه ، ولجاز منه إظهار المعجزة على يد الكاذب وذلك يفضي إلى الشك في صدق الأنبياء ويمتنع الاستدلال بالمعجزة عليه.
المسألة الثالثة : في أنّه تعالى قادر على القبيح
قال : مع قدرته عليه لعموم النسبة ولا يُنافي الامتناعَ اللاحق.
أقول : ذهب العلماء كافة إلى أنّه تعالى قادر على القبيح ، إلّا النظّام.
والدليل على ذلك أنّا قد بيّنا عموم نسبة قدرته إلى الممكنات والقبيح منها فيكون مندرجاً تحت قدرته.