قال : ولا يحسُنُ مع اشتمال اللذة على لطفيّته.

أقول : هذا مذهب أبي الحسين البصري (١) خلافاً لأبي هاشم.

وتقرير مذهب أبي هاشم : أنّا لو فرضنا اشتمال اللذة على اللطف الذي اشتمل عليه الألم هل يحسن منه تعالى فعل الألم بالحي لأجل لطف الغير (٢) مع العوض الزائد الذي يختاره المتألم لو عرض عليه؟ قال أبو هاشم : نعم لأن الألم المشتمل على المنفعة الموفية في حكم المنفعة عند العقلاء ، ولهذا لا يعدّ العقلاء مشاق السفر الموصلة إلى الأرباح مضارّاً ، وإذا كان الألم في حكم المنفعة صار حصول اللطف في تقدير (٣) منفعتين فيتخيّر الحكيم في أيّهما شاء.

وأبو الحسين منع ذلك ، لأن الألم إنّما يصير في حكم المنفعة إذا لم يكن طريق لتلك المنفعة إلّا ذلك الألم ، ولو أمكن الوصول إلى تلك المنفعة بدون ذلك الألم كان ذلك الألم ضرراً وعبثاً ، ولهذا يعد العقلاء السفر ضرراً مع حصول الربح بدونه.

__________________

(١) لو كان هناك سببان للّطف : اللذة والألم ، والأوّل يشتمل على اللطف فقط ، والثاني يشتمل عليه وعلى الألم مع العوض (النفع) فهل يجوز له سبحانه الإيلام مع إمكان السبب الأوّل ، كما عليه أبو هاشم ، أو لا يجوز كما عليه أبو الحسين؟

(٢) الظاهر عدم الحاجة إلى كلمة الغير لو لم تكن مضرة ، لأنّ الظاهر أنّ الكلام في الألم الابتدائي وكونه لطفاً في حق المتألم نفسه دون الغير.

(٣) الألم سبب لأمرين : اللطف والمنفعة المفروضة في الألم (العوض) ، واللذة مشتملة على اللطف فقط والحكيم مخيّر بينهما.

۳۰۸۱