البعثةُ حسنةٌ ، لاشتمالها على فوائدَ : كمُعاضَدةِ العقل فيما يدلّ عليه واستفادةِ الحكم فيما لا يدل ، وإزالةِ الخوف ، واستفادةِ الحسن والقبح والنافع والضارّ ، وحفظِ النوع الانساني ، وتكميلِ أشخاصه بحسب استعداداتهم المختلفةِ ، وتعليمهم الصنائع الخفية ، والأخلاق والسياسات ، والإخبار بالعقاب والثواب فيحصل اللطفُ للمكلَّفِ.

أقول : في هذا المقصد مسائل :

المسألة الأُولى : في حسن البعثة (١)

اختلف الناس في ذلك ، فذهب المسلمون كافة وجميع أرباب الملل وجماعة من الفلاسفة إلى ذلك ، ومنعت البراهمة منه.

__________________

(١) عقد الماتن بحثين : أحدهما في حسن البعثة وذكر له تسعة أوجه. ثانيهما في وجوب البعثة وذكر له وجهاً واحداً كما سيوافيك ، والمهم من هذه الأوجه التسعة هو الوجه الخامس الذي أشار إليه بقوله : «وحفظ النوع الإنساني» ، وقد أوضحناه في كتاب الإلهيات ، فراجع (١).

وإنّما عقد بحثين ، لأجل أنّ الحسن ينقسم إلى أقسام أربعة تقدم ذكرها ص ٥٦ ، فليس الحسن ملازماً للوجوب وإن كان في المقام ملازماً معه.

ثمّ إنّه فسر قولهم : التكاليف السمعية ألطاف في الأحكام العقلية ، بأنّ الأُولى توجِد في الإنسان روح الطاعة فيكون من امتثال الأحكام العقلية أقرب.

__________________

(١) الإلهيات : ٣ / ٢٣ ـ ٢٩.

۳۰۸۱